كتاب القبور لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

188 - حدثني أبو عبد الله التيمي, قال: سمعت شريح بن مسلمة وأبي يذكران, عن القاسم بن أبي وديعة قال: كان رجل يقدم علينا كل سنة من الري يريد الحج ليس معه زاد ولا آلة الحج, وكان ربما صحب كادح وأي طالب قال: فأخبرني قال: كانت لنا ظئر مجوسية فماتت فرمي بها الناووس فكن بناتي حينها يبكينها فخرجت من الغم بذلك بين المغرب والعشاء وقد طلع الفجر فاتكئت أنظر فيها فأنا أنظر إلى الناووس فإذا شيء قد تدلى من الناووس فلما قرب مني إذا أنا بها سوداء الوجه زرقاء العينين ثائرة الشعر حتى وقفت علي فقالت طوبى لكم يا أمة محمد كلكم في الجنة طبع المجوس في النار طبعة اسودت منها ألوانهم وازرقت عيونهم وثارت شعورهم ثم عادت فتدلت في الناووس وأنا أنظر إليها قال: فأتيت أهلي فأخبرتهم فأمسكوا عن البكاء عليها, قال أبو عبد الله: وقد سمعت قاسما يذكره وهو خالي.
189 - حدثني أبو عبد الله, حدثني محمد بن عمر التيمي, وحدثني عبد الله بن نهار قالا: سمعنا عبد الله بن الوليد العابد وكان صاحب سياحة, وكان إذا سمع بجنازة يمضي إليها حيث كانت قال: فشهد دفن ميت فلما إن حثوا عليه التراب أقبل الشيخ يقول: يا معشر الناس رجل في القبر اتقوا الله أتدفنونه معه فتواثب إليه أهل بيته ومن كان معه من جيرانه فجعلوا يردونه عن كلامه ولا يرجع فلما دفن الميت قال: سألتكم بالله إلا رجعتم وتركتموني قال: فمضينا ولنا مسنأة تدعة العقيق بينها وبين المقابر شبيه بنصف فرسخ فلما صرنا على المسنأة أقبلنا ننظر مع الشيخ إلى رجل معه مليا ثم أقبل إلينا الشيخ فقال هل رأيتم معي أحد يكلمني قلنا قد رأينا معك إنسانا قال: فهو الذي أنكرتم من قولي خرج من القبر بعد ما مضيتم فقال لي: يا هذا قد سمعت ما قال لك القوم فهل تدري من أنا؟ قلت: ومن أنت قال أنا ثواب الثلاث آيات من آخر سورة الحشر أنا مؤنس كل مؤمن في قبره فكان لي تاليًا فدخلت عليه وآنسته في قبره قال: ثم غاب فلم أره.

الصفحة 564