كتاب قرى الضيف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

17 - أَخْبَرَنِي أَبُو زَيْدٍ النُّمَيْرِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، أَخْبَرَنِي أَبِي, قَالَ: قَالَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ: تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ فِي حَالِ رَجُلٍ رَأَيْتُهُ، أَقْبَلْنَا مِنَ الشَّامِ, فَإِذَا نَحْنُ بِخِبَاءٍ، فَقُلْنَا: لَوْ نَزَلْنَا هَاهُنَا، فَإِذَا امْرَأَةٌ فِي الْخِبَاءِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ رَجُلٌ بِذَوْدٍ لَهُ، فَقَالَ: مَنْ هَؤُلاَءِ؟ قَالَتْ: قَوْمٌ نَزَلُوا بِكَ، فَجَاءَ بِنَاقَةٍ، فَضَرَبَ عُرْقُوبَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: دُونَكُمْ، فَانْحَرُوهَا، قَالَ: فَنَحَرْنَاهَا, فَأَصَبْنَا مِنْ أَطْيَابِهَا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ, جَاءَ بِأُخْرَى، فَضَرَبَ عُرْقُوبَيْهَا، وَقَالَ: يَا هَؤُلاَءِ، انْحَرُوهَا، قَالَ: فَنَحَرْنَاهَا، فَقُلْنَا: اللَّحْمُ عِنْدَنَا كَمَا هُوَ، قَالَ: إِنَّا لاَ نُطْعِمُ أَضْيَافَنَا الْغَابَ, قَالَ: فَقُلْتُ لأَصْحَابِي: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ إِنْ أَقَمْنَا عِنْدَهُ لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ بَعِيرٌ، فَارْتَحِلُوا بِنَا، وَقُلْتُ لِقَيِّمِي: اجْمَعْ مَا عِنْدَكَ، قَالَ: لَيْسَ إِلاَّ أَرْبَعُ مِئَةِ دِرْهَمٍ، قُلْتُ: هَاتِهَا, وَهَاتِ كِسْوَتِي، فَجَمَعْنَاهَا، فَقُلْتُ: بَادِرُوهُ، فَدَفَعْنَاهُ إِلَى امْرَأَتِهِ, ثُمَّ سِرْنَا، فَلَمْ نَلْبَثْ أَنْ رَأَيْنَا شَخْصًا، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: لاَ نَدْرِي، فَدَنَا, فَإِذَا رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ يَجُدُّ رُمْحَهُ، فَإِذَا صَاحِبُنَا، فَقُلْتُ: وَاسَوْأَتَاهُ، اسْتَقَلَّ وَاللَّهِ مَا أَعْطَيْنَاهُ، قَالَ: فَدَنَا, فَقَالَ: دُونَكُمْ، مَتَاعَكُمْ فَخُذُوهُ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا كَانَ إِلاَّ مَا رَأَيْتَ، وَلَقَدْ جَمَعْنَا مَا كَانَ عِنْدَنَا، قَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَمْ أَذْهَبْ حَيْثُ تَذْهَبُونَ, فَخُذُوهُ، قُلْنَا: فَلاَ نَأْخُذُهُ، قَالَ: وَاللَّهِ لَأَمِيلَنَّ عَلَيْكُمْ بِرُمْحِي مَا بَقِيَ مِنْكُمْ رَجُلٌ, أَوْ تَأْخُذُوهُ، قَالَ: فَأَخَذْنَاهُ, فَوَلَّى وَقَالَ: إِنَّا قَوْمٌ لاَ نَبِيعُ الْقِرَى.

الصفحة 602