كتاب قرى الضيف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل
28 - حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّا الْخَثْعَمِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عُمَرَ, أَبِي سَلَمَةَ الْغِفَارِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ: أَتْعَبُ النَّاسِ آبِي اللَّحْمِ الْغِفَارِيُّ حَيْثُ يَقُولُ:
لَقَدْ عَلِمَتْ عِرْسِي قُتَيْلَةُ أَنَّنِي ... طَوِيلٌ سَنَا نَارِي بَعِيدٌ خُمُودُهَا
أُدَاخِلُ بِبَيْتِي بِالْفَلاَةِ فَلَمْ أَجِدْ ... سِوَى مُثْبِتِ الأَوْتَادِ شَبَّ وَقُودُهَا
إِذَا لَمْ تَجِدْ إِلاَّ الْكَرِيمَةَ لِلْقِرَى ... فَرِدْ نَفْسَهَا إِنَّ الْمَنَايَا تُرِيدُهَا.
29 - وَزَعَمَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنِ الأَصْمَعِيِّ, قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ: أَيُّ أَبْيَاتِ الْعَرَبِ أَكْرَمُ؟ فَأَنْشَدَ، فَقَالَ: مَا صَنَعْتُمْ شَيْئًا، أَكْرَمُ أَبْيَاتِ الْعَرَبِ هَذِهِ.
30 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُرَيْبٍ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنِي عَمِّي، حَدَّثَنِي صَقرُ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: كَانَتْ مَائِدَةُ عَبْدِ الأَعْلَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ عَشْرَةَ قَفِيزًا بِمَا يُصْلِحُهَا مِنَ اللَّحْمِ وَالْحَلْوَى وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَكُلَّمَا رُفِعَتْ صَحْفَةٌ وُضِعَتْ عَلَى دُكَّانٍ فِي الدَّارِ حَتَّى فَرَغُوا فَتَحَ الْبَابَ، فَأُدْخِلَ مَنْ كَانَ مِنْ مِسْكِينٍ وَغَيْرِهِ، فَأَكَلُوا، وَلاَ يُرْفَعُ مِنْهُ شَيْءٌ.
31 - وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَاهَانَ، مَوْلَى الْكُرَيْزَيْنِ, قَالَ: كَانَ عَبْدُ الأَعْلَى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَغَدَّى, وَاجْتَمَعَ مَنْ يُرِيدُ مِنْ أَصْحَابِهِ دَعَا بِالْغَدَاءِ فَقَالَ: كُلُوا، وَتَشَاغَلَ هُوَ، وَاسْتَلْقَى, وَنَظَرَ إِلَى السَّقْفِ, حَتَّى يُقَارِبَ فَرَاغَهُمْ، ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَقُولُ: أَعِدْ عَلَيَّ، فَيَسْتَقْبِلُونَ الأَكْلَ، فَمَا يَقُومُ أَحَدٌ مِنْ عِنْدِهِ إِلاَّ وَهُوَ كَظِيظٌ.
32 - وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَّمٍ الْجُمَحِيُّ: حَدَّثَنِي بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ السُّلَمِيُّ، قَالَ: قَالَ بِلاَلُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ لِلْجَارُودِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ الْهُذَلِيِّ: أَتَانِي صَدِيقُكَ الْيَوْمَ، يَعْنِي عَبْدَ الأَعْلَى، قَالَ: نَعَمْ، فَتَصْنَعُونَ مَاذَا؟ قَالَ: نَأْتِيهِ وَهُوَ مُتَصَبِّحٌ, فَإِذَا أَذِنَ لَنَا, فَإِنْ حَدَّثْنَاهُ أَحْسَنَ الِاسْتِمَاعَ, وَإِنْ سَكَتْنَا سَاقَطَنَا أَحْسَنَ الْحَدِيثِ، فَإِذَا كَانَ غَدَاؤُهُ مَثُلَ خَبَّازُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اخْبِزْ لِلْقَوْمِ مَا عِنْدَكَ، فَقَالَ بِلاَلٌ: وَمَا يُرِيدُ إِلَى هَذَا؟ قَالَ: يُرِيدُ أَنْ يَسْتَبْقِيَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ لِمَا يُشْتَهَى، فَإِذَا وُضِعَ الطَّعَامُ وَقَدْ عَهِدَ إِلَى كِنَانَةِ نَبَاتِهِ ئئ إِلاَّ تَلَطَّفْنَهُ لُطْفًا إِلَى حِينِ تُوضَعُ مَائِدَتُهُ فَيُعْذَرُ، حَتَّى إِذَا أَمْعَنَ الْقَوْمُ حَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ, وَخَوَى تَخْوِيَةَ الظَّلِيمِ, وَاسْتَأْنَفَ الأَمْرَ اسْتِئْنَافًا.
قَالَ مُحَمَّدٌ: قَالَ أَبِي: كَانَ يَقُولُ: يَا أَبَا الزَّرْقَاءِ خُبْزَنَا، يَا أَبَا الزَّرْقَاءِ خُبْزًا، قَالَ: وَأَبُو الزَّرْقَاءِ خَبَّازُهُ.
الصفحة 607
624