كتاب قرى الضيف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

41 - حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّا الْخَثْعَمِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو لُحَيْمٍ الْكِلاَبِيُّ: ضَافَ حَاتِمًا رَجُلٌ فِي سَنَةٍ, فَلَمْ يَقْدِرْ لَهُ عَلَى شَيْءٍ, فَطَلَبَ مِنْ بَنِي عَمِّهِ قِرَاهُ, فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى شَيْءٍ، وَلَهُ نَاقَةٌ يُسَافِرُ عَلَيْهَا, فَقَالَ لَهَا: أَقْعِي, فَعَقَرَهَا، فَأَطْعَمَ أَضْيَافَهُ قَسِيمَهَا, وَبَعَثَ إِلَى عِيَالِهِ قَسِيمَهَا الآخَرَ، وَقَالَ حَاتِمٌ:
وَلاَ أُزَرِّفُ ضَيْفِي إِذْ تَأَوَّبَنِي ... وَلاَ أُدَانِي لَهُ مَا لَيْسَ بِالدَّانِي
لَهُ الْمُوَاسَاةُ عِنْدِي إِذْ تَأَوَّبَنِي ... وَكُلُّ زَادٍ وَإِنْ أَبْقَيْتُهُ فَانِي.
42 - أَنْشَدَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْقُرَشِيُّ, مِنْ وَلَدِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ:
وَمُسْتَفْتِحٍ بَابَ الصَّدَا يَسْتَنْبِهُهُ ... فَتَاهُ وَجَوْفُ اللَّيْلِ مُضْطَرِبُ الْكِسَرِ
رَفَعْتُ لَهُ نَارًا ثَقُوبًا زِنَادُهَا ... تُلِيحُ إِلَى السَّارِي هَلُمَّ إِلَى قِدْرِي
فَلَمَّا أَتَى وَالْبُؤْسُ رَادِفُ رَحْلِهِ ... تَلَقَّيْتُهُ مِنِّي بِوَجْهِ امْرِئٍ بِشْرِ
وَقُلْتُ لَهُ أَهْلاً كَأْهِلٍ فَلَمْ يَجُزْ ... بِكَ اللَّيْلُ إِلاَّ لِلْجَمِيلِ مِنَ الأَمْرِ
فَكَادَتْ تَطِيُرُ الشَّوْكُ عِرْفَانَ صَوْتِهِ ... وَلَمْ تُمْسِ إِلاَّ وَهْيَ خَائِفَةُ الْعَقْرِ.
قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: هَذِهِ الأَبْيَاتُ لأَبِي شِبْلٍ الْحَارِثِيِّ.
43 - وَأَنْشَدَنِي عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأُمَوِيُّ لِبَعْضِ الْعَرَبِ:
وَمُجْتَنِبٍ أَهْلِ الثَّرَى يَبْتَغِي الْقِرَى ... أَتَانَا وَخِرْقٌ دُونَنَا مُتَنَازِحُ
أَتَانَا وَقَدْ بَلَّتْهُ شَهْبَاءُ حَرْجَفٍ ... وَقَطْرٌ فَأَمْسَى وَهْوَ فِي الرَّحْلِ جَانِحُ
فَقُلْتُ لأَهْلِي مَا بِغَامُ مَطِيَّةٍ ... وَحَرْشٌ أَضَافَتْهُ إِلَيْنَا النَّوَابِحُ
فَقَالُوا دَخِيلٌ طَارِقٌ طَرَحَتْ بِهِ ... إِلَيْكَ اللَّيَالِي وَالْخُطُوبُ الطَّوَارِحُ
فَقُمْتُ وَلَمْ أَطْرِفْ مَكَانِي وَلَمْ يَقُمْ ... مَعَ النَّفْسِ عَلاَّتُ الْبَخِيلِ الشَّحَائِحُ
وَنَادَيْتُ شِبْلاً فَاسْتَجَابَ وَرُبَّمَا ... جَشَمْنَا قِرَى عَشْرٍ لِمَنْ لاَ يُصَافِحُ
فَقَامَ أَبُو ضَيْفٍ كَرِيمٍ كَأَنَّهُ ... وَقَدْ جَدَّ مِنْ فَرْطِ الْفُكَاهَةِ مَازِحُ
إِلَى جِذْمِ مَالٍ قَدْ نَهَكْنَ سَوَائِمَهُ ... وَأَعْرَاضُنَا فِيهِ بَوَاقٍ صَحَائِحُ
جَعَلْنَاهُ دُونَ الذَّمِّ حَتَّى كَأَنَّهُ لَنَا ... إِذَا عَدَّ مَالَ الْمُكْثِرِينَ الْمَنَائِحُ
حَمْدُ أَرْبَابِ الْمِئِينَ وَلاَ يُرَى ... لَدَى أَهْلِنَا مَالٌ مَعَ اللَّيْلِ رَائِحُ.

الصفحة 611