كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 5)

وقال الحافظ (¬1) مجيباً عن السؤال ما لفظه: وعلى تقدير ورود السؤال، فالتخلص منه بحمد الله أسهل، وذلك أنه لا يتم اجتناب الكبائر إلا بفعل الصلوات الخمس، فمن لم يفعلها لم يعد مجتنباً للكبائر؛ لأن تركها من الكبائر لتوقف التكفير على فعلها، والله أعلم، انتهى.
قلت: الغرض: أن السائل أورد السؤال على من حافظ على الصلوات طول عمره، ولم يفته شيء منها، فالسؤال باقٍ. فالحق في الجواب أن يقال: إذا وافى العبد الآخرة تاركاً للكبائر آتياً بالصلوات فقد فضل [بمكفران] (¬2) مكفر نص القرآن وهو الاجتناب، ومكفر نص عليه حديث الباب فيكفر - عز وجل - عنه بأيهما شاء، ويبقى له أجر الآخر موفوراً أجره عليه [بلا] (¬3) إشكال، إن كان مراد السائل ذلك كما هو ظاهر إيراده.
نعم، لا يتصور اجتناب الكبائر مع ترك الصلوات، إذ هو منها بل من أعظمها، ويتصور فعل الصلوات مع إتيان الكبائر، ولكنه لا تكفر عنه بها صغائره؛ لتقييد تكفيره باجتناب الكبائر.
ثم ذكر الحافظ في "الفتح" (¬4) تفصيلاً لشيخه البلقيني فيه إشكالات لا يتم به حل السؤال، بل متروك به الإشكال. وقد علقه على هامش "الفتح".
2 - وعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: كَانَ رَجُلاَنِ أَخَوَانِ فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَذُكِرَتْ فَضِيلَةُ الأَوَّلِ مِنْهُمَا عِنْدَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَلَمْ يَكُنِ الآخَرُ مُسْلِمًا؟ " قَالُوا: بَلَى، وَكَانَ لاَ بَأْسَ بِهِ. فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "وَمَا يُدْرِيكُمْ مَا بَلَغَتْ
¬__________
(¬1) في "الفتح" (2/ 12).
(¬2) في (ب): بكفران.
(¬3) في (أ): فلا.
(¬4) (2/ 12 - 13).

الصفحة 10