كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 5)

فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأها عليه. فقال عمر: يا رسول الله أله خاصة؟ قال: "بل للناس كافة".
وأخرج ابن مردويه (¬1) عن بريدة قال: جاءت امرأة من الأنصار إلى رجل يبيع تمراً بالمدينة وكانت امرأة حسناء جميلة، فلما نظر إليها أعجبته. وقال: ما أرى عندي ما أرضى لك ها هنا، ولكن في البيت حاجتك، فانطلقت معه حتى إذا دخلت أرادها عن نفسها، فأبت وجعلت تناشده، فأصاب منها من غير أن يكون أفضى إليها، فانطلق الرجل وندم على ما صنع حتى أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ما حملك على ذلك؟ " قال: الشيطان. قال له - صلى الله عليه وسلم -: "صل معنا" ونزل {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ}. يقول: صلاة الغداة، والظهر، والعصر.
{وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} المغرب، والعشاء {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} (¬2) فقال الناس: يا رسول الله ألهذا خاصة؟! قال: "بل هي للناس عامة".
وفي "الدر المنثور" (¬3) عدة روايات في تفسير الآية، وسبب نزولها فيمن أتى غير الحد الشرعي. وهذا الفعل الذي صدر من المذكور دال على سقوط التعزير الذي كان يقتضيه مباشرة الأجنبية لتوبته [318 ب] وندامته وصلاته.
ومثله حديث أنس الثاني، ولعله وحديث أبي أمامة قصة واحدة.
4 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله: إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، وَلَمْ يَسْالهُ، وَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلاَةَ قَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا، فَأَقِمْ فِيَّ كِتَابَ الله تَعَالَى. قَالَ:
¬__________
(¬1) عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 352).
(¬2) سورة هود الآية (114).
(¬3) (3/ 352 - 353).

الصفحة 14