كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 5)

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذة الآية: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} (¬1) قد قالها ناس من الناس ثم كفر أكثرهم، فمن قالها حتى يموت فهو ممن استقام [320 ب] عليها، انتهى. والمراد بها كلمة التوحيد.
وأخرج ابن المبارك (¬2) وعبد الرزاق (¬3) والفريابي (¬4) وسعيد بن منصور (¬5) وغيرهما عن أبي بكر الصديق في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} قال: الاستقامة أن لا تشركوا بالله شيئاً.
وأخرج ابن مردويه (¬6) من طريق الثوري عن بعض الصحابة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا على فرائض الله" وفي معناه أحاديث.
قوله: "ولن تحصوا" أي: لا تطيقون الإتيان بكل ما أمرتم، ولكن قاربوا وسددوا. وهو يراد به الاقتصاد في الأعمال، والإتيان بهذه الجملة بعد الأمر بالاستقامة كالاحتراز عن أن يظن السامع [أَنَّه] (¬7) يراد المبالغة في الاستقامة.
قوله: "واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة" أقول: الإيمان لما علم قطعاً أنه خير الأعمال، وأنه لا صلاة إلا لمؤمن "ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن"؛ لأن الوضوء من أشرف
¬__________
(¬1) سورة فصلت الآية (30)، سورة الأحقاف الآية (13).
(¬2) عزاة إليه السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 321).
(¬3) في تفسيره (2/ 187).
(¬4) عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 322).
(¬5) عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 321).
(¬6) عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 322).
(¬7) في (ب): أن.

الصفحة 19