كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 5)

بعض أعضائه شيئاً في حال نومه، فيجب [عليه] (¬1) ضمانة بالاتفاق، وليس ذلك تكليفاً للنائم؛ لأن غرامة المتلفات لا يشترط فيها التكليف بالإجماع. بل لو أتلف الصبي أو المجنون أو الغافل وغيرهم ممن لا تكليف عليه، وجب عليه ضمانة بالاتفاق، ودليله في القرآن: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} (¬2) فرتب تعالى على قتل الخطأ الدية والكفارة مع أنه [لم] (¬3) يأثم بالإجماع.
قوله: "حين يذكرها من الغد" أقول: لعله سقط الواو، أي: وحين يذكرها من الغد، للوقت لتوافق ما يأتي من قوله: "فمن أدرك منكم صلاة الغداة من غدٍ صالحاً فليقض معها مثلها" (¬4).
قال النووي (¬5): معناه: إذا فاتته صلاة فقضاها لا يتغير وقتها ويتحول في المستقبل، بل يبقى كما كان، فإذا كان الغد صلى صلاة الغد في وقتها المعتاد، ولا يتحول، وليس معناه أنه يقضي الفائتة مرتين مرة في الحال ومرة من الغد، وإنما معناه ما ذكرنا. هذا هو الصواب في معنى هذا الحديث. وقد اضطربت أقوال العلماء فيه، واختار المحققون ما ذكرته، انتهى.
قلت: لكن في بعض ألفاظه: "فمن أدرك منكم صلاة الغداة من غد صالحاً فليقض معها مثلها"، وهو يبعد التأويل.
وقال الخطابي (¬6): لا أعلم أحداً من الفقهاء قال بهذا وجوباً، ويشبه الأمر بها استحباباً.
¬__________
(¬1) زيادة من (ب).
(¬2) سورة النساء الآية (92).
(¬3) في أ: (لا) والذي في شرح صحيح النووي غير.
(¬4) أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (438) وهو حديث شاذ.
(¬5) في شرح "صحيح مسلم" (5/ 187).
(¬6) في معالم "السنن" (1/ 305 - مع السنن).

الصفحة 39