كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 5)

17 - وفي رواية لمسلم (¬1) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: فَلَمْ نَسْتَيْقِظْ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ، فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ". قَالَ: فَفَعَلْنَا. [صحيح]
قوله: "حضرنا فيه الشيطان" وفي اللفظ الآخر: "أصابتكم فيه الغفلة" أقول: الغفلة والنسيان من الشيطان: {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} (¬2) قال ابن القيم (¬3): وفيه تنبيه على اجتناب الصلاة في أمكنة الشيطان، كالحمام، والحشِّ بطريق الأولى، فإن هذه منازلُه يأوي إليها ويسكُنها، فإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك المبادرةَ إلى الصلاة في ذلك الوادي وقال: "إن به شيطاناً" فما الظن بمأوى [الشياطين وبيتهم] (¬4). انتهى [397/ أ].
(تنبيه).
قدمنا إشارة إلى قضاء من ترك الصلاة عمداً. واعلم أن ابن الأثير (¬5) والمصنف ترجموا "بباب وجوب الصلاة أداءً قضاءً"، وكأنهما جعلا حديث نومه - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة والإتيان بها بعد خروج وقتها قضاءً، ولا دليل على أنها قضاء. بل الحديث نفسه دال على أنها صليت في وقتها وهو حقيقة [332 ب] الأداء بل صرح [أنه] (¬6) لا وقت لها إلا ذلك، أي: حين اليقظة والذكرى، وحقيقة الأداء ما فعل في وقته المقدر له أولًا، ولما كانت مراده ذهب طائفة من
¬__________
(¬1) في "صحيحه" رقم (310/ 680).
(¬2) سورة الكهف الآية (63).
(¬3) في "زاد المعاد" (3/ 317).
(¬4) كذا في (أ. ب)، والذي في "زاد المعاد": الشيطان وبيته.
(¬5) في "الجامع" (5/ 183).
(¬6) في (أ): بأنَّه.

الصفحة 42