كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 5)

العلماء أنه لا قضاء للمتروكة عمدًا، قال في "فتح الباري" (¬1): وقد تمسك بدليل الخطاب منه القائل: بأن العامد لا يقضي الصلاة؛ لأن انتفاء الشرط يستلزم انتفاء المشروط، فيلزم منه أن من لم ينس لا يصلي. ومن قال: يقضي العامد بأن ذلك يستفاد من مفهوم الخطاب فيكون من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى؛ لأنه إذا وجب القضاء على الناسي مع سقوط الإثم ورفع الحرج عنه، فالعامد أولى، انتهى.
واعلم أن المسألة قد بسطها بعض أئمة التحقيق (¬2)، وذكر مستوفياً لأدلة كل فريق فقال: اختلف السلف في هذه المسألة، أي: من ترك الصلاة عمداً من غير عذر مع علمه بوجوبها وفرضيتها ثم ندم وتاب، فقال طائفة: توبته بالندم والاشتغال بأداء الفرائض المستأنفة، وقضاء الفرائض المتروكة، وهذا قول الأئمة الأربعة وغيرهم.
وقالت طائفة: توبة هذا باستئناف العمل في المستقبل، ولا ينفعه تدارك ما مضى بالقضاء، ولا يقبل منه فلا يجب عليه، وهذا قول أهل الظاهر (¬3) وهو مروي عن جماعة من السلف [وحجة] (¬4) الموجبين قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من [نام] (¬5) عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها" وقرره كما قرره ابن حجر (¬6) في وجه الاستدلال به. قالوا: ولأنه كان يجب عليه أمران الصلاة وإتيانها في وقتها، فإذا ترك أحد الأمرين وجب عليه الآخر.
¬__________
(¬1) (2/ 71).
(¬2) انظر: "المحلى" (2/ 235 - 245).
(¬3) انظر: "المحلى" (2/ 237).
(¬4) في (أ): حجية.
(¬5) في (ب): سهى.
(¬6) في "فتح الباري" (2/ 71 - 72).

الصفحة 43