كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 5)

قالوا: ولأن مصلحة الفعل إذا لم يكن تداركها تدارك العبد منها ما أمكن، وقد [فاتت] (¬1) مصلحة الفعل في الوقت، فبتدارك ما أمكن منها وهو فعل خارج الوقت.
قالوا: وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا [333 ب] منه استطعتم" (¬2) وهذا قد استطاع بالإتيان بالمأمور به خارج الوقت، فيجب عليه الإتيان بالمستطاع.
قالوا: ولأن الصلاة خارج (¬3) الوقت بدل عن الصلاة في الوقت، والعبادة إذا كان لها بدل وتعذر المبدل انتقل المكلف إلى بدله كالتيمم مع الوضوء ونحوه.
قالوا: ولأن الصلاة حق مؤقت، فتأخيره عن وقته لا يسقطه إلا بمبادرته خارج الوقت كديون الآدميين المؤجلة. قالوا: ولأن غايته أنه أثم بالتأخير، وهذا لا يسقط القضاء، كمن أخر الحج تأخيراً أثم به، أو الزكاة عن وجوبها تأخيراً أثم به.
قالوا: ولو ترك الجمعة حتى صلاها الإمام عمداً عصى بتأخيرها، ولزمه أن يصلي الظهر، ونسبة الظهر إلى الجمعة كنسبة صلاة الصبح بعد طلوع الشمس إلى صلاتها قبل الطلوع.
قالوا: وقد أخر النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة العصر يوم الأحزاب (¬4) إلى أن صلاها بعد غروب الشمس، فدل على أن فعلها ممكن خارج الوقت في العمد سواء كان مقدوراً كهذا التأخير، أو لم يكن مقدوراً به كتأخير المفرط، فتأخيرهما إنما يختلف في الإثم وعدمه لا في وجوب التدارك بعد الترك.
¬__________
(¬1) في (ب): فات.
(¬2) تقدم تخريجه مراراً، وهو حديث صحيح.
(¬3) انظر: المجموع شرح المهذب (3/ 14 - 16).
"المحلى" (2/ 237 - 238). "البدائع" (1/ 131).
(¬4) انظر: "المحلى" (2/ 243).

الصفحة 44