كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 5)

قالوا: ولأن كل تائب له طريق على التوبة، فكيف نسد على هذا طريق التوبة؟ ونجعل إثم التضييع لازماً له، وطائراً في عنقه، فهذا لا يليق بقواعد الشارع وحكمته ورحمته ومراعاته لمصالح العباد في المعاش والمعاد، فهذا أقصى ما يحتج به لهذه المقالة.
قال أصحاب القول الآحر: الصلاة إذا أمر [بها] (¬1) على صفة معينة، أو في وقت بعينه لم يكن المأمور ممتثلاً [للأمر] (¬2) إلا إذا أوقعها على الوجه المأمور [334 ب] من وصفها وشرطها ووقتها وإيقاعها في وقتها المحدود لها شرعاً شرط في صحة التعبد بها والامتثال، فانتفاء وقتها كانتفاء شرطها، وشرطها فلا يتناولها الأمر بدونه.
قالوا: وإخراجها عن وقتها كإخراجها عن استقبال القبلة مثلاً، وكالسجود على الخد مثلاً بدلاً عن الجبهة والبروك على الركبة بدل الركوع ونحوه.
قالوا: والعبادات التي جعلت لها ظروف من الزمان لا تصح إلا فيه، كالعبادة التي جعلت لها ظروف من المكان، فلو أراد نقلها إلى [أمكنة] (¬3) غيرها لم تصح إلا في أمكنتها، ولا يقوم مكان مقام مكان، كأمكنة المناسك من مكة وعرفة ومزدلفة، والجمار ونحوها، فنقل العبادة إلى أزمنة غير أزمنتها التي جعلت أوقاتاً لها شرعاً إلى غيرها كنقلها عن أمكنتها [398/ أ] التي جعلت لها شرعاً إلى غيرها ولا فرق بينهما في الإثم.
قالوا: وأما استدلالكم بحديث "من نام عن صلاته" (¬4) الحديث، وأنه - صلى الله عليه وسلم - أوجب القضاء على المعذور فالمفرط أولى، فهذا الحجة إلى أن تكون عليكم أقرب منها أن تكون لكم، فإنه - صلى الله عليه وسلم - شرط في فعلها بعد الوقت أن يكون الترك عن نوم أو نسيان، والمعلق على شرط
¬__________
(¬1) في (ب): به.
(¬2) في (ب): بالأمر.
(¬3) سقطت من (ب).
(¬4) تقدم تخريجه وهو حديث صحيح.

الصفحة 45