كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 5)

عدم عند عدمه. وأيضاً فلم يؤخر الصلاة عن وقتها، بل وقتها المأمور به حين استيقظ، وذكر لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإن ذلك وقتها" فإن الله يقول: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)} (¬1) أي: عند ذكري أو وقت ذكري.
وأما قولكم: كان يجب عليه أمران: العبادة وإيقاعها في وقتها، فإذا ترك أحدهما بقي عليه الآخر فجوابه أن هذا إنما ينفع إذا لم يكن أحد الأمرين مرتبطاً بالآخر [335 ب] ارتباط [الشرطية] (¬2) كمن أمر بالحج والزكاة، فترك أحدهما لم يسقط عنه الآخر. وأما ما كان شرطاً أو وصفاً له، فكيف يقال: إنه يؤمر بالآخر بدونه، ويصح منه بدون وصفه وشرطه، فأين أمره بذلك؟!!
وأما قولكم: إذا لم يكن تدارك مصلحة [الفعل] (¬3) تدارك ما أمكن منها، فجوابه أن هذا إنما يفيد إذا لم يكن حصول المصلحة موقوفاً على شرط تزول المصلحة بزواله، والتدارك بعد فوات شرطه وخروجه عن الوجه المأمور به ممتنع. واستدلالكم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أمرتكم بأمر" الحديث. فجوابه: أن هذا إنما يدل على أن المكلف إذا عجز عن حمله المأمور به أتى بما يقدر عليه منه، كمن عجز عن القيام للصلاة فيصلي من قعود ونحو ذلك.
وقولكم: إن الصلاة خارج الوقت بدل عن الصلاة في الوقت إلى آخره. فجوابه أن هذا مجرد دعوى وهل وقع النزاع إلا في هذا؟ ونحن نطالبكم بالأمر بها أولاً، وبكونها مقبولة ثانياً، وبكونها بدلاً ثالثاً، ولا سبيل لكم إلى إثبات شيء من ذلك البتة، وإنما يعلم كون الشيء بدلاً بإعلام الشارع كشرعية التيمم (¬4) عند العجز عن الماء. وأما قياسكم فعلها خارج الوقت
¬__________
(¬1) سورة طه الآية (14).
(¬2) في (ب): الشرعية.
(¬3) في (ب): بالفعل.
(¬4) انظر: "المحلى" (2/ 243).

الصفحة 46