كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 5)

وعبد بن حميد (¬1) عن الربيع بن خيثم: أن سائلاً سأله عن الصلاة الوسطى. قال: حافظ عليهن، فإنك إن فعلت أصبتها إنما هي واحدة منهن.
وأخرج ابن أبي شيبة (¬2) عن ابن سيرين قال: سئل شريح عن الصلاة الوسطى. قال: حافظوا عليهن تصيبوها.
قلت: الأدلة على أنها العصر نصوص لا ريب فيها، ولذا ادُعي الإجماع على أنها العصر، [فأما] (¬3) بقية الأقوال فأدلتها دون ذلك، وإن كان في الفجر أدلة قوية، لكنها لا تقوى على الترجيح على أدلة صلاة العصر.
20 - ولمالك (¬4) عن زيد بن أسلم فقال: إِنَّ الله قَبَضَ أَرْوَاحَنَا، وَلَوْ شاءَ لَرَدَّهَا إِلَيْنَا فِي حِينٍ غَيْرِ هَذَا، ثُمَّ التَفَتَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رضي الله عنه - فقَالَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ أَتَى بِلاَلاً وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فَأَضْجَعَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُهَدْهِدُهُ كما يُهَدْهَدُ الصَّبِيُّ حَتَّى نَامَ". ثُمَّ دَعَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بلاَلاً، فَأَخْبَرَ بِلاَلٌ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَ الَّذِي أَخْبَرَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أبَا بَكْرٍ فَقَالَ - رضي الله عنه -، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الله. [حسن لغيره]
"الإِدْلَاجُ": بالتخفيف السير من أول الليل، وبالتشديد من آخره.
21 - وعن جابر - رضي الله عنه -: أَنَّ عُمَرَ - رضي الله عنه - جَاءَ يَوْمَ الخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ الله: مَا كِدْتُ أُصَلِّي العَصْرَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ. فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "وَالله مَا صَلَّيْتُهَا". فَقُمْنَا إِلَى بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ لِلصَّلاَةِ، وَتَوَضَّأْنَا، فَصَلَّى العَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا المَغْرِبَ.
¬__________
(¬1) عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 729).
(¬2) في "مصنفه" (2/ 506).
(¬3) في (أ): وأمَّا.
(¬4) في "الموطأ" (1/ 14 - 15 رقم 26)، وهو أثر حسن لغيره.

الصفحة 57