كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 5)

23 - وعن أبي حازم بن دينار: "أَنَّ نَفَرًا جَاءُوا إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ يَتَمَارُونَ فِي المِنْبَرِ مِنْ أَيِّ عُودٍ هُوَ؟ فَقَالَ: أَمَا وَالله إِنِّي لأَعْرِفُ مِنْ أَيِّ عُودٍ هُوَ، وَمَنْ عَمِلَهُ، وَأيِّ يَوْمٍ جَلَسَ عَلَيْهِ. أَرْسَلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى فُلاَنَةً امْرَأةً مِنَ الأَنْصَارِ أَنْ مُرِي غُلاَمَكِ النَّجَّارَ أَنْ يَعْمَلْ لِي أَعْوَادًا أُكَلِّمُ النَّاسَ عَلَيْهَا". فَعَمِلَ هَذ الثَّلاَثَ الدَّرَجَاتِ. ثُمَّ أَمَرَ بِهَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُوضَع هَذَا المَوْضِعَ: فَهْيَ مِنْ طَرْفَاءِ الغَابَةِ. فَقَامَ عَلَيْهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ النَّاسُ وَرَاءَهُ وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ، ثُمَّ رَكَعَ فَنَزَلَ القَهْقَرَى حَتَّى سَجَدَ فِي أَصْلِ المِنْبَرِ، ثُمَّ فَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: "إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي وَلتَعَلَّمُوا صَلاَتِي". أخرجه الخمسة (¬1) إلا الترمذي. [صحيح]
¬__________
= قوله: "كانوا ينتهون" بفتح الباء والهاء, وفي رواية ابن حبان في "صحيحه" رقم (373 - موارد): "أليس قد نهي عن هذا؟
قوله: "حين مددتني" أي: مددت قميصي وجبذته إليك.
وفي رواية ابن حبان: "ألم ترني قد تابعتك". وقد استدل بهذا الحديث على أنه يكره ارتفاع الإمام في المجلس.
(¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (917)، ومسلم رقم (544)، وأبو داود رقم (1080)، وابن ماجه رقم (1416)، والنسائي رقم (739). وهو حديث صحيح.
قوله: "عن أبي حازم بن دينار" هو سلمة بن دينار الأعرج المدني، أبو حازم، مولى الأسود بن سفيان المخزومي، القاص، من عباد أهل المدينة, وثقاتهم، والمشهورين من تابعيهم.
روى عن سهل بن سعد، وابن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، وغيرهم، مات سنة (33 هـ)، قاله ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول" (1/ 470 - قسم التراجم).
قوله: "يتمارون" من المماراة، وهي المجادلة.
قوله: "والله إني لأعرف مما هو" فيه القسم على الشيء لإرادة تأكيده للسامع.
قوله: "وأول يوم جلس عليه" زيادة على السؤال، لكن فائدته إعلامهم بقوة معرفته بما سألوه عنه. وقد جاء في "صحيح البخاري" رقم (377) قوله: "ما بقي في الناس أعلم مني". =

الصفحة 654