كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 5)

هذه الأحاديث التي سردها المصنف. ثم قال: وبآثار كثيرة ذكرتها في "التمهيد" (¬1).
قال الشافعي (¬2): [ويقول الإمام لتارك الصلاة: صلِّ، فإن ذكر علة تجشمه أمر بالصلاة على قدر طاقته، فإن أبى من الصلاة حتى يخرج وقتها قتله الإمام] (¬3). وإنما يستتاب ما دام وقت الصلاة, فإن قتله ورثه ورثته. وهذا قول مالك وأصحابه.
قال ابن وهب (¬4): سمعت مالكاً يقول: من آمن بالله، وصدق المرسلين، وأبى أن يصلِّي قُتلَ، وبه قال أبو ثور، ومكحول، وحماد بن زيد، ووكيع، وكل هؤلاء لا يرى أنه إذا قتله الإمام فلا يمنع ورثته من ميراثه؛ لأنه لم يقتله على الكفر إذا كان مقراً بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، وما جاء به من التوحيد والإسلام والشرائع، ومقر بفرض الصلاة والصيام، إلا أنه أبى من أدائها.
ومن الأدلة على لذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "نهيت عن قتل المصلين (¬5) " فدل على أن من لم يصل يقتل. ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "سيكون عليكم أمراء تعرفون وتنكرون" إلى أن قال لما قالوا: ألا تقاتلهم؟ قال: "لا ما صلَّوا" (¬6) الخمس قالوا: وهذا كله يدل على القتل ولا يدل على الكفر. [وقالوا] (¬7): ما وردَّ من أدلة التكفير، وأنه يراد به عظم المعصية.
¬__________
(¬1) (4/ 227 - 228).
(¬2) ذكره ابن عبد البر في "الاستذكار" (5/ 345 رقم 7154).
(¬3) كذا في العبارة في (أ. ب) والذي في "الاستذكار": ويقول الإمام لتارك الصلاة: صَلِّ، فإن قال: لا أُصلِّي، سُئل، فإنْ ذكَرَ علَّة بجسمه أمر بالصلاة على قدر طاقته، فإن أبى من الصلاة حتى يخرج وقتها قتله الإمام.
(¬4) ذكره ابن عبد البر في "الاستذكار" (5/ 346 رقم 7157).
(¬5) أخرجه أحمد (4/ 43 - 44)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (3/ 367).
(¬6) أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (62/ 1854) من حديث أم سلمة مرفوعاً.
(¬7) زيادة من (أ).

الصفحة 66