كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 5)

3 - وعن أوس بن أوس الثقفي - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ، وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ, وَدَنَا مِنَ الإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ, أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا". أخرجه أصحاب السنن (¬1). [صحيح لغيره]
وقال أبو داود (¬2): سُئِلَ مَكْحُولٌ عَنْ "غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ"؟ فَقَالَ: غَسَلَ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ. وَكَذَلِكَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ.
قوله: "غَسَّلَ" أي: جامع امرأته فأحوجها إلى الغُسل، وذلك يكون أغض لطرفه إذا خرج إلى الجمعة، واغتسل هو بعد الجماع (¬3).
¬__________
= جلس على المنبر طووها، وفيه استحباب الجلوس للخطبة أول صعوده حتى يؤذن المؤذن, وهو مستحب عند الشافعي ومالك والجمهور.
وقال أبو حنيفة ومالك في رواية عنه: لا يستحب. ودليل الجمهور هذا الحديث مع أحاديث كثيرة في الصحيح، والدليل على أنه ليس بواجب، وأنه ليس من الخطبة.
(¬1) أخرجه أبو داود رقم (345)، والترمذي رقم (496)، والنسائي (3/ 95)، وابن ماجه رقم (1087).
قال الترمذي: حديث أوس بن أوس حديث صحيح لغيره, والله أعلم.
(¬2) في "السنن" (1/ 249 رقم 349).
(¬3) قال الخطابي في "معالم السنن" (1/ 246 - 247 - مع السنن).
قوله: "غسل واغتسل وبكر وابتكر" اختلف الناس في معناهما، فمنهم من ذهب إلى أنّه من الكلام الظاهر الذي يراد به التوكيد ولم تقع المخالفة بين المعنيين لاختلاف اللفظين، وقال: ألا تراه يقول في هذا الحديث: "ومشى ولم يركب" ومعناهما واحد، وإلى هذا ذهب الأثرم صاحب أحمد.
وقال بعضهم: قوله: "غسل" معناه غسل الرأس خاصة، وذلك لأن العرب لهم لمم وشعور، وفي غسلها مئونة، فأفرد ذكر غسل الرأس من أجل ذلك، وإلى هذا ذهب مكحول.
وقوله: "واغتسل" معناه غسل سائر الجسد، وزعم بعضهم أن قوله: غسل معناه أصاب أهله قبل خروجه إلى الجمعة, ليكون أملك لنفسه وأحفظ في طريقه لبصره. =

الصفحة 666