كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 5)

5 - وعن علي - رضي الله عنه - قال وهو على المنبر في الكُوفة يخطبُ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ غَدَتِ الشَّيَاطِينُ بِرَايَاتِهَا إِلَى الأَسْوَاقِ فَيَرْمُونَ النَّاسَ بِالتَّرَابِيثِ, أَوِ قَالَ: بالرَّبَائِثِ وَيُثَبِّطُونَهُمْ عَنِ الجُمُعَةِ وَتَغْدُو المَلاَئِكَةُ فَيَجْلِسُونَ عَلَى أَبْوَابِ المَسْجِدِ يَكْتُبُونَ الرَّجُلَ مِنْ سَاعَةٍ، وَالرَّجُلَ مِنْ سَاعَتَيْنِ حَتَّى يَخْرُجَ الإِمَامُ. فَإِذَا جَلَسَ الرَّجُلُ مَجْلِسًا يَسْتَمْكِنُ فِيهِ مِنَ الِاسْتِمَاعِ وَالنَّظَرِ فَأَنْصتَ وَلَمْ يَلْغُ كَانَ لَهُ كِفْلاَنِ مِنْ أَجْرٍ، فَإِنْ نَأَى وَجَلَسَ حَيْثُ لاَ يَسْمَعُ فَأَنْصتَ وَلَمْ يَلْغُ كَانَ لَهُ كِفْلٌ مِنْ أَجْرهِ، وَإِنْ جَلَسَ مَجْلِسًا يَسْتَمْكِنُ فِيهِ مِنَ الِاسْتِمَاعِ وَالنَّظَرِ فَلَغَا وَلَمْ يُنْصِتْ كَانَ عَلَيهِ كِفْلٌ مِنْ وِزْرٍ، وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: يَوْمَ الجُمُعَهِ صَهْ فَقَدْ لَغَا، وَمَنْ لَغَا فَلَيْسَ لَهُ فِي جُمُعَتِهِ تِلْكَ شَيٌ". ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ ذَلِكَ (¬1).
¬__________
= - يستدل من الحديث أنه لا يجوز من الكلام إلا ما خصه دليل كصلاة التحية، فعم الأمر بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ذكره يعمّ جميع الأوقات، والنهي عن الكلام حال الخطبة يعم كل كلام، فيتعارض العمومات، ولكنه يرجح مشروعية الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ذكره حال الخطبة.
انظر: "المغني" (3/ 198 - 199)، "الأم" (2/ 420)، "التمهيد" (4/ 45).
قوله: "ولم يتخط رقبة مسلم" يؤيده ما أخرجه أحمد (4/ 188، 190)، وأبو داود رقم (1118)، والنسائي في "السنن" (3/ 103) عن عبد الله بن بُسْر قال: جاء رجلٌ يتخطّى رقاب النَّاس يوم الجمعة والنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يخطب، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اجلس فقد آذيت". وهو حديث صحيح.
- وقد اختلف أهل العلم في حكم التخطي يوم الجمعة:
قال الترمذي في "السنن" (2/ 389): والعمل عليه عند أهل العلم، كرهوا أن يتخطى رقاب الناس، وشدّدوا في ذلك.
وحكى أبو حامد في تعليقه عن الشافعي التصريح بالتحريم.
قال النووي في "زوائد الروضة": إن المختار تحريمه للأحاديث الصحيحة، واقتصر أصحاب أحمد على الكراهة فقط. "المغني" (3/ 230).
(¬1) أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (1051)، وهو حديث ضعيف. =

الصفحة 668