كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 5)

قلت: وقد عقد البخاري في "صحيحه" (¬1) باباً لكفر دون كفر. وقد روى (¬2) عن ابن عباس: أنه قال: ليس بالكفر الذي ينقل من الملة، وتلى قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)} (¬3) [346 ب]، فبهذا كله ورثوا من تارك الصلاة إذا قتل ورثته، انتهى بتلخيص كثير.
قال (¬4): وسئل ابن شهاب عن تارك الصلاة فقال: إذا تركها؛ لأنه [ابتغى] (¬5) ديناً غير الإسلام قتل. وإن كان إنها فعل ذلك فسقاً ومجوناً وتهاوناً، فإنه يضرب ضرباً مبرحاً، ويسجن حتى يرجع. قال: والذي يفطر في رمضان كذلك.
قال الطحاوي: وهو قولنا، وإليه ذهب جماعة من سلف الأمة منهم أبو حنيفة وأصحابه.
قال ابن عبد البر (¬6): وبه يقول داود ومن تبعه. وحجة هؤلاء ومن قال بقولهم. قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خمس صلوات كتبهن الله على العباد" (¬7) ثم قال: "ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله".
¬__________
(¬1) (1/ 83 الباب رقم 21 باب كفران العشير، وكفر دون كفر مع الفتح).
(¬2) أخرجه ابن عبد البر في "الاستذكار" (5/ 352 رقم 7179).
(¬3) سورة المائدة الآية (44).
(¬4) أي: ابن عبد البر في "الاستذكار" (5/ 353 رقم 7188).
(¬5) كذا في (أ. ب) والذي في "الاستذكار": ابتدع.
(¬6) في "الاستذكار" (5/ 353 رقم 7190).
(¬7) أخرجه أحمد (5/ 315) وأبو داود رقم (1420) والنسائي (1/ 230)، وابن ماجه رقم (1401)، ومالك (1/ 123 رقم 14)، وابن حبان رقم (1732، 2417)، وابن عبد البر في "التمهيد" (4/ 184 - 185)، وهو حديث صحيح.

الصفحة 67