كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 5)

قال ابن السبكي (¬1): لا يُغنيه هذا السَّماع الغريبُ، ولا القياس في كتب الحديث؛ لأنها إنما تقرأ على جادَّة اللغة, كما وقعت الرِّوايةُ والرواية لم تقع إلاّ على ما قاله المزي، وهو مشهور اللغة.
قوله: "ومن يعصهما فإنه لا يضر إلاّ نفسه"، قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -: أنه كان يجوز له الجمع بين ضميره وضميره تعالى، فقال: وذلك ممتنع على غيره, ولذلك أنكر على الخطيب.
قال: وإنما يمتنع على غيره دونه؛ لأنّ غيره إذا جمع أوهم إطلاق التسوية بخلافه هو، فإنّ منصبه لا يتطرق إليه إيهام، وذلك لأنه - صلى الله عليه وآله وسلم - أمر الخطيب بالإفراد لئلا يوهم كلامه التسوية، وهو إشارة إلى ما في "سنن أبي داود" (¬2): "أنه خطبنا خطيب للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: من يطع الله ورسوله ومن يعصهما، فقال: قم أو اذهب فبئس الخطيب أنت".
"فإنه لا يضر إلاّ نفسه" {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} (¬3).
"ولا يضر الله شيئاً" هو كما في الحديث القدسي: "يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني" (¬4).
"أخرجه أبو داود، وزاد في رواية" عن ابن مسعود.
"إذا تشهد يوم الجمعة وساق الحديث" فتكون هذه الزيادة مقيدة للمطلقة [196 ب] , إلاّ أنه قال المنذري في "مختصر السنن" (¬5):
¬__________
(¬1) في "طبقات الشافعية الكبرى" (10/ 430).
(¬2) في "السنن" رقم (1099). وأخرجه النسائي رقم (3279)، وهو حديث صحيح.
(¬3) سورة فصلت الآية (46).
(¬4) أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (55/ 2577)، وهو حديث صحيح، وقد تقدم.
(¬5) (2/ 18)، وانظر: "المغني" (2/ 478)، "الجرح والتعديل" (6/ 297).

الصفحة 685