كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 5)

وأما حديث أبي موسى وبريدة ففيهما: أنه "صلى العصر والشمس مرتفعة"، وفي اللفظ الآخر: "بيضاء"، وتقدير ما في [حديث] (¬1) هو بيان لارتفاعها وبياضها يمتد حتى تحمر الشمس.
ثم أول المغرب عند سقوط قرص الشمس، ثم يستمر إلى غروب الشفق، وهو أول العشاء ثم يستمر [348 ب] إلى ثلث الليل أو نصفه، ثم أبان - صلى الله عليه وسلم - بصلاته في اليوم الثاني امتداد أوقات الصلوات من أولها إلى آخر وقتها بفعله، ثم بقوله حيث قال: "الوقت ما بين هذين الوقتين".
وقوله: "وقت صلاتكم بين ما رأيتم" وقول جبريل: "الوقت ما بين هذين الوقتين"، فدلت الأحاديث كلها أن هذه هي أوقات الصلوات.
قال النووي (¬2): وفيه. أي: حديث بريدة: أن وقت المغرب ممتد، يريد خلاف ما في حديث جبريل، فإنه صلاها في اليومين معاً في وقت واحد، فتفضل الله بعد ذلك بالزيادة إلى غروب الشفق.
قال (¬3): وفيه البيان بالفعل فإنه أبلغ في الإيضاح والحفظ، وتعم فائدته السائل وغيره. وفيه تأخير البيان إلى وقت الحاجة، وهو مذهب جمهور الأصوليين. وفيه احتمال تأخير الصلاة عن أول وقتها وترك فضيلة أول الوقت لمصلحة راجحة.
قلت: وهو هنا متعين لا يجوز غيره؛ لأنه إبلاغ للشريعة، وبيان لأوقات الصلوات.
¬__________
(¬1) كذا في (أ. ب)، ولعله: حديثهما.
(¬2) في شرحه لـ "صحيح مسلم" (5/ 117).
(¬3) أي: النووي في شرحه لـ "صحيح مسلم" (5/ 114).

الصفحة 71