كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 5)

قوله في حديث بريدة وأبي موسى: "أنه صلى العشاء بعد ثلث الليل"، وفي حديث عبد الله بن عمرو (¬1): "ووقت العشاء إلى نصف الليل" قال أبو العباس بن سريج إنه [لا اختلاف] (¬2) بين الحديثين، بل المراد بثلث الليل أنه أول ابتدائها وبنصفه آخر انتهائها.
قال النووي (¬3): وهذا الذي قاله يوافق ظاهر هذه الأحاديث؛ لأنَّ قوله: "وقت العشاء إلى [349 ب] نصف الليل" ظاهر أنه آخر وقتها المختار.
قوله في حديث بريدة: "وأنعم أن يبرد بها" أقول: هو لفظ مجمل بينه حديث: "ثم أخر الظهر حتى كان قريباً من وقت العصر بالأمس"، وأوضح منه بياناً حديث جبريل: "أنه صلى الظهر حين صار ظل كل شيء مثله".
وقوله: "أنعم أن يبرد [بها] (¬4) " أي: أنه أطال الإبراد، وبيانه ما سمعته، وسيأتي حديث الإبراد بالصلاة والكلام عليه إن شاء الله.
5 - وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أَنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَمَّني جِبْريلُ - عليه السلام - عِنْدَ البَيْتِ مَرَّتَيْنِ، فَصَلَّى الظُّهْرَ فِي الأُولَى مِنْهُمَا حِينَ كانَ الفَيْءُ مِثْلَ الشِّرَاكِ, ثُمَّ صَلَّى العَصْرَ حِينَ كَانَ كُلُّ شَيْءِ مِثْلَ ظِلِّهِ، ثُمَّ صَلَّى المَغْرِبَ حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ، وَأَفْطَرَ الصَّائِمُ، ثُمَّ صَلَّى العِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ صَلَّى الفَجْرَ حِينَ بَزَقَ الفَجْرُ، وَحَرُمَ الطَّعَامُ عَلَى الصَّائِمِ، وَصَلَّى المرَّةَ الثَّانِيَةَ الظُّهْرَ حِينَ كانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ لِوَقْتِ العَصْرِ بِالأَمْسِ، ثُمَّ صَلَّى العَصْرَ حِينَ كانَ ظِلُّ كلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، ثُمَّ صَلَّى المَغْرِبَ لِوَقْتِهِ الأَوَّلِ، ثُمَّ صَلَّى العِشَاءَ الآخِر حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، ثُمَّ
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (173/ 612).
(¬2) في (ب): خلاف.
(¬3) في شرحه لـ "صحيح مسلم" (5/ 116).
(¬4) سقطت من (أ).

الصفحة 73