كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 5)

وظاهر القرآن يدل على أنه ليس بفرض؛ لأنه لا يقال في الفرض (لا جناح) على من جعله وقد قال تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} (¬1) كما قال: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} (¬2)، ومثله كثير.
وتحصيل مذهب مالك (¬3) أن القصر في السفر سنة [225 ب] مؤكدة لا فريضة، وهو قول الشافعي. [511/ أ].
قال أبو عمر (¬4): وأصحاب الشافعي اليوم على أن المسافر مخير بين القصر والإتمام، وكذلك قال جماعة الفقهاء البغداديين عنهم. انتهى.
قال ابن القيم (¬5) بعد كلام شيخه ابن تيمية: قلت: وقد أتمت عائشة بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ابن عباس وغيره أنها تأول كما تأول عثمان ثم ذكر تأويلات.
قال في "تسير البيان" (¬6) نقلاً عن الشافعي: أن عائشة عملت بما روت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أي: أنه أتم وقصر وصام وأفطر، وقد صح عنه: "أنه صام في سفر الفتح في رمضان".
قال ابن عبد البر (¬7) لما ذكر إتمام عائشة والتأويلات ما لفظه: وأولاها عندنا بالصواب والله أعلم: أنها علمت من قصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما خير بين القصر والتمام اختار القصر؛ لأنه
¬__________
(¬1) سورة النساء الآية (101).
(¬2) سورة البقرة الآية (236).
(¬3) ذكره ابن عبد البر في "الاستذكار" (6/ 65 رقم 7912).
(¬4) في "الاستذكار" (6/ 67).
(¬5) في "زاد المعاد" (1/ 448 - 453).
(¬6) (1/ 314 - 315).
(¬7) في "الاستذكار" (6/ 68 رقم 7942).

الصفحة 748