كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 5)

وأخرج الحاكم عن عائشة (¬1) وابن عباس (¬2) كراهية الوتر بثلاث.
وذهبت الحنفية (¬3) إلى أنه يوتر بثلاث موصولة واحتج لهم بأن الصحابة أجمعوا على أن الإيتار بثلاث حسن، وردّ أنه أي إجماع منهم مع خلاف من ذكرنا.
ولكنه روى الحاكم (¬4) من حديث عائشة: "أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يوتر بثلاث لا يقعد [522/ أ] إلاّ في آخرهن"، وروى النسائي (¬5) من حديث أُبَّي بن كعب مثله.
وجمع بن الروايتين النهي عن التشبه بصلاة المغرب بحمل النهي على صلاة الثلاث بتشهدين وحديث: "لا يقعد إلا في آخرهن" يرشد إلى هذا.
ثم قد عارض قوله: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً" ما أخرجه مسلم (¬6) عن عائشة: "أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي ركعتين بعد الوتر وهو جالس"، وقد ذهب إليه بعض أهل العلم (¬7) وجعل قوله: "اجعلوا صلاتكم آخر الليل وتراً" مختصاً [بمن] (¬8) أوتر آخر الليل.
وأجاب من لم يقل بذلك بأنّ الركعتين المذكورتين هما ركعتان الفجر، وحمله النووي (¬9) على أنه - صلى الله عليه وسلم - فعلهما لبيان جواز التنفل بعد الوتر، وجواز التنفل جالساً.
¬__________
(¬1) في "المستدرك" (1/ 303 - 304).
(¬2) في "المستدرك" (1/ 304).
(¬3) انظر: شرح "معاني الآثار" (1/ 342).
(¬4) في "المستدرك" (1/ 305) وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
(¬5) في "السنن" رقم (1699)، وهو حديث صحيح.
(¬6) في "صحيحه" رقم (126/ 738).
(¬7) انظر: "الأوسط" (5/ 202) شرح "صحيح مسلم" للنووي (6/ 21)، "المجموع شرح المهذب" (3/ 511).
(¬8) في (ب) إن.
(¬9) في "شرحه لصحيح مسلم" (6/ 21).

الصفحة 817