كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 5)

قال ابن القيم في الهدي (¬1): وفي المسند (¬2) عن أبي أمامة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي ركعتين بعد الوتر، وهو جالساً يقرأ فيهما بـ {إِذَا زُلْزِلَتِ} و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} [258 ب] "، وروى الدارقطني (¬3) نحوه من حديث أنس.
وقد أشكل هذا على كثير من الناس، فظنوه معارضاً لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وتراً" وأنكر مالك (¬4) هاتين الركعتين.
وقال أحمد (¬5): لا أفعله ولا أمنع من فعله، قال: وأنكره مالك.
وقالت طائفة (¬6): إنما فعل هاتين الركعتين ليبين جواز الصلاة بعد الوتر، وأن فعله لا يمنع التنفل، وحملا قوله: "اجعلوا صلالكم آخر الليل وتراً" على الاستحباب، وصلاة الركعتين بعده على الجواز.
¬__________
(¬1) في "زاد المعاد" (1/ 322 - 323).
(¬2) في "المسند" (5/ 260). وأخرجه البيهقي في "السنن" (3/ 33).
(¬3) في "السنن" (2/ 41 رقم 19).
وأخرجه البيهقي في "السنن" (3/ 33)، من طريقين عن بقية عن عتبة بن أبي حكيم، عن قتادة، عن أنس به, بسند ضعيف. وله طريق آخر أخرجه ابن خزيمة رقم (158)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/ 341)، والبيهقي (3/ 33) من طريق عمارة بن زاذان عن ثابت، عن أنس به، بسند ضعيف أيضاً.
ويتقوى حديث أنس بالشوهد عن أبي أمامة، وأم سلمة, وعائشة فهو حديث حسن لغيره.
(¬4) ذكره ابن المنذر في "الأوسط" (5/ 202) عن أحمد بن حنبل في مسألة الصلاة بعد الوتر.
قال: أرجوا إن فعله إنسان لا يضيق عليه, وقال أحمد: لا أفعله، وأورده محمد بن نصر المروزي في "مختصر قيام الليل: كتاب الوتر" (ص 310):
قيل: (وليس عليه وتر؟ قال: لا).
(¬5) ذكره ابن المنذر في "الأوسط" (5/ 202).
(¬6) ذكره ابن القيم في "زاد المعاد" (1/ 322).

الصفحة 818