كتاب النهاية في غريب الحديث والأثر (اسم الجزء: 5)

وَلَيْسَ وَرَاءَ اللَّهِ لِلمَرْءِ مَذْهَبُ
وَمِنْهُ حَدِيثُ الشَّفَاعَةِ «يَقُول إِبْرَاهِيمُ: إنِّي كُنْتُ خَلِيلًا مِن وَرَاءَ وَرَاءَ» هَكَذَا يُرْوَى مَبْنِيّاً عَلَى الْفَتْحِ: أَيْ مِنْ خَلْفِ حِجاب.
وَمِنْهُ حَدِيثُ مَعْقِل «أَنَّهُ حَدَّث ابْنَ زِياد بِحَدِيثٍ، فَقَالَ: أشَيْءٌ سمعْتُه مِنْ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ وَرَاءَ وراءَ؟» أَيْ مِمَّن جَاءَ خَلْفَه وبَعْدَه.
وَفِي حَدِيثِ الشَّعْبِيّ «أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ رَأَى مَعَهُ صَبِيَّاً: هَذَا ابْنُك؟ قَالَ: ابنُ ابْنِي. قَالَ:
هُوَ ابْنُكَ مِنَ الوَراء» يُقَالُ لِوَلَدِ الوَلَد: الْوَرَاءُ.
(هـ) وَفِيهِ «لأَنْ يَمْتلىءَ جَوْفُ أحدِكم قَيْحاً حَتَّى يَرِيَه خَيْرٌ لَه من أن يَمْتَلِيءَ شِعْرا» هُو «1» مِنَ الْوَرْي: الدَّاءِ؛ يُقَالُ: وُرِيَ يُورَى «2» فهُو مَوْرِيٌّ، إِذَا أَصَابَ جَوْفَه الدَّاءُ.
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْوَرْيُ، مثَال الرَّمْي: دَاء يُداخل الجَوف. يُقَالُ: رَجُلٌ مَوْرِيٌّ، غَير مَهْمُوزٍ.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُو الْوَرَى، بِفَتْحِ الرَّاءِ.
وَقَالَ ثَعْلب: هُوَ بالسُّكون: المَصْدَرُ، وبالفَتْح: الِاسْمُ.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: «وَرَى القيحُ جَوْفَهُ يَرِيَهُ وَرْياً: أكَلَه» .
وَقَالَ قَوْمٌ: مَعْنَاهُ: حَتَّى يُصيبَ رِئتَه. وأنْكَره غَيْرُهُم؛ لِأَنَّ الرِّئةَ مَهْمُوزَةٌ، وَإِذَا بَنَيْتَ مِنْهُ فِعْلا قُلتَ: رَآه يَرْآه فَهُوَ مَرْئيٌّ.
وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: إِنَّ الرِّئَةَ أصْلُها مِنْ وَرَى، وَهِيَ مَحْذُوفَةٌ مِنْهُ. يُقَالُ: وَرَيْتُ الرجُلَ فَهُوَ مَوْرِيٌّ، إِذَا أصَبْتَ رئتَه. وَالْمَشْهُورُ فِي الرِّئَةِ الهَمْزُ.
(س) وَفِي حَدِيثِ تَزْوِيجِ خَدِيجَةَ «نَفَخْتَ فَأَوْرَيْتَ» يُقَالُ: وَرَى»
الزَّنْدُ يَرِي، إذا
__________
(1) هذا قول أبي عبيد، كما ذكر الهروي.
(2) في الأصل: «وَرَى يَوْرِي» وأثبتُّ ضبط ا، واللسان، والهروي.
(3) ضبط في الأصل: «وَرِيَ» وأثبته بالفتح من ا. وهو من باب وعد. وفي لغة: وَرِيَ يَرِي. بكسرهما. قاله في المصباح.

الصفحة 178