كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 5)

"وما من نبي إلا أنذره قومه، لقد أنذره نوح قومه، ولكن أقول لكم فيه قولًا لم يقله نبي لقومه: تعلمون": خبر بمعنى الأمر؛ أي: اعلموا.
"أنه أعور، وأن الله ليس بأعور": فإن قيل: ما الحكمة في أنه خُلِق أعور؟
قلنا: لأنه لو كان بآفة أخرى غير العور، لم يكن ظاهرًا بين الناس، ويدل أيضًا على كذبه وسحره.
فإن قيل: لو كان أعمى لكان أظهر من العور، فلم لم يُخلَق أعمى؟
قيل: لأنه قدَّر الله سبحانه وتعالى إضلالَ قوم به، ولو كان أعمى، لم يكن له منه إغواء وإضلال.
* * *

4226 - وقالَ: "إنَّ الله لا يَخْفَى عَلَيكُمْ، إنَّ الله ليسَ بأعْوَرَ، وإنَّ المَسيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ عَيْنِ اليُمْنَى، كأنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طافِيةٌ".
"وقال: إن الله تعالى لا يخفى عليكم، إن الله ليس بأعور، وإن المسيح الدجَّال": سمي مسيحًا؛ لأنه ممسوح عن جميع الخير، أو لأن إحدى عينيه ممسوحة، وعلى التقديرين فهو فعيل بمعنى: مفعول، أو لأنه يتردد في جميع الأرض إلا مكة والمدينة، فهو فعيل بمعنى: فاعل ووصف المسيح بالدجال؛ لأن المسيح وصف غلب على عيسى بن مريم عليه السلام، فوصف به ليتميز المِحقُّ عن المبطِلِ.
"أعور عين اليمنى، كأن عينَهُ عنبةٌ طافية": وهي الناتئة المرتفعة عن أخواتها، يريد: أن حدقته قائمة كذلك.
* * *

الصفحة 560