كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 5)

أَخْبروني عنْ نَخْلِ بَيْسانَ هلْ تُثمِرُ؟ قُلْنا: نعَم، ثُمَّ قال: أَما إنَّها يُوشِكُ أنْ لا تُثْمِرَ، قال: أَخْبروني عنْ بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ هلْ فيها ماءٌ؟ قلنا: هيَ كثيرةُ الماءِ قال: أَما إنَّ ماءَها يُوشِكُ أنْ يذهَبَ، قال: أَخْبروني عنْ عَيْنِ زُغَرَ هلْ في العينِ ماءٌ؟ وهلْ يَزْرعُ أهلُها بماءَ العَيْنِ؟ قلنا: نعمْ، هيَ كثيرةُ الماءِ، وأهلُها يزرَعونَ مِنْ مائِها، قال: أَخْبروني عنْ نبَيِّ الأُمِّيينَ ما فعلَ؟ قالوا: قد خرجَ من مكةَ ونزلَ يثربَ، قال: أقاتَله العربُ؟ قلنا نعم، قال: كيفَ صَنَعَ بهمْ؟ فأخبرناهُ أنَّهُ قدْ ظَهَرَ علَى مَنْ يَليهِ مِنَ العَرَبِ وأطاعوهُ، قال: أَمَا إنَّ ذلكَ خَيْرٌ لهمْ أنْ يُطيعوهُ، وإنِّي مُخبرُكُمْ عنِّي، إنِّي أنا المَسِيحُ، وإدي أُوشِكُ أنْ يُؤْذَنَ لي في الخُروجِ فأَخْرُجَ فأَسيرَ في الأَرْضِ فلا أَدعُ قريةً إلَّا هَبَطْتُها في أربعينَ ليلةً غيرَ مكَّةَ وطَيْبَةَ، هُما مُحَرَّمَتانِ عليَّ كلتاهُما، كُلَّما أرَدْتُ أنْ أَدْخُلَ واحِدَةً مِنهُما استقبَلَني مَلَكٌ بيدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا يَصُدُّنِي عنها، وإنَّ على كلِّ نَقْبٍ منها ملائِكَةً يَحرُسونَها"، قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وطَعَنَ بمِخْصَرَتِهِ في المِنْبَرِ: "هذِه طَيْبَةُ، هذِه طَيْبَةُ، هذه طيبةُ"، يَعني: المَدينَةَ، "ألا هلْ كنتُ حَدَّثْتُكُمْ؟ " فقالَ النَّاسُ: نعمْ، قال: "ألا إِنَّهُ في بَحْرِ الشَّامِ أوْ بَحْرِ اليَمَنِ، لا بَلْ منْ قِبَلِ المَشرِقِ ما هُوَ"، وأَوْمَأ بيدِه إلى المَشرِقِ.
"عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها: أنها قالت: سمعت مناديَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينادي: الصلاة جامعةً": برفعهما مبتدأ وخبر، أو بنصبهما على تقدير: احضروا الصلاة في حال كونها جامعة، وبرفع الأول على تقدير: هذه الصلاة، ونصب الثاني على الحالية، وبالعكس على تقدير: احضروا الصلاة وهي جامعة، وهو ضعيف؛ لإضمار حرف العطف، وعلى جميع التقادير فمحل الجملة نصب؛ لأنه مفعول (ينادي) حكاية لكونه في معنى القول.
"فخرجت إلى المسجد، فصليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما قضى صلاته، جلس على المنبر وهو يضحك، فقال: ليلزمْ كلُّ إنسان مُصلَّاه"، أي: ليقعدْ

الصفحة 580