كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 5)

" صفحة رقم 62 "
إليه على أي حال كان من فقر أو غنى ، لأنه قام به الوصف الذي اقتضى الصرف إليه . قال ابن عطية : ولا يعطى منها في بناء مسجد ، ولا قنطرة ، ولا شراء مصحف انتتهى .
وابن السبيل قال ابن عباس : هو عابر السبيل . وقال قتادة في آخرين : هو الضيف . وقال جماعة : هو المسافر المنقطع به وإن كان له مال في بلده . وقالت جماعة : هو إلحاج المنقطع . وقال الزجاج : هو الذي قطع عليه الطريق . وفي كتاب سحنون قال مالك : إذا وجد المسافر المنقطع به من يسلفه لم يجز له أن يأخذ من الصدقة ، والظاهر الصرف إليه . وإن كان له ما يغنيه في طريقه لأنه ابن سبيل ، والمشهور أنه إذا كان بهذا الوصف لا يعطى .
قال الزمخشري : ( فإن قلت ) : لم عدل عن اللام إلى في في الأربعة الأخيرة ؟ ( قلت ) : للإيذان بأنهم أرسخ في استحقاق التصدق عليهم ممن سبق ذكره ، لأنّ في للوعاء ، فنبه على أنهم أحقاء بأن توضع فيهم الصدقات ويجعلوا مظنة لها ومصباً ، وذلك لما في فك الرقاب من الكتابة أو الرق أو الأسر ، وفي فك الغارمين من الغرم من التخليص والإنقاذ ، ولجمع الغازي الفقير أو المنقطع في الحج بين الفقر والعبادة ، وكذلك ابن السبيل جامع بين الفقر والغربة عن الأهل والمال . وتكرير في في قوله تعالى : وفي سبيل الله وابن السبيل ، فيه فضل ترجيح لهذين على الرقاب والغارمين . ( فإن قلت ) : فكيف وقعت هذه الآية في تضاعيف ذكر المنافقين ومكائدهم ؟ ( قلت ) : ذل بكون هذه الأوصاف مصارف الصدقات خاصة دون غيرهم ، على أنهم ليسوا منهم حسماً لا طعاممهم وإشعاراً باستيجابهم الحرمان ، وأنهم بعداء عنها وعن مصارفها ، فما لهم ولها ، وما سلطهم على الكلام لها ولمن قاسمها . وانتصب فريضة لأنه في معنى المصدر المؤكد ، لأن قوله تعالى : إنما الصدقات للفقراء ، معناه فرض من الله الصدقات لهم . وقرىء فريضة بالرفع على تلك فريضة انتهى . وقال الكرماني وأبو البقاء : فريضة حال من الضمير في الفقر ، أي مفروضة . قال الكرماني : كما تقول هي لك طلقاً انتهى . وذكر عن سيبويه أنها مصدر ، والتقدير : فرض الله الصدقات فريضة . وقال الفراء : هي منصوبة على القطع . والله عليم حكيم ، لأن ما صدر عنه هو عن علم منه بخلقه وحكمة منه في القسمة ، أو عليم بمقادرير المصالح ، حكيم لا يشرع إلا ما هو الأصلح .
2 ( ) وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِىَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذالِكَ الْخِزْىُ الْعَظِيمُ يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِءُواْ إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَءَايَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنْكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ وَعَدَ الله الْمُنَافِقِين

الصفحة 62