[227] ولما نزلت هذه الآية، جاء حسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك، ومن كان ينافح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان غالب شعرهم توحيدًا وذكرًا، فقالوا: يا رسول الله! قد نزل هذا، والله يعلم أنا شعراء، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ المؤمنَ يجاهدُ بسيفه ولسانه، وإن الذي ترمونهم به نَضْحُ النبل" (¬1)، ونزل: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} استثناء لشعراء الإسلام {وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} أي: لم يشغلهم الشعر عن ذكر الله تعالى.
{وَانْتَصَرُوا} أي: بالرد على المشركين {مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} أي: هُجوا؛ لأن الكفار بدؤوهم بالهجاء، قال - صلى الله عليه وسلم - لحسان: "اهجُ المشركين؛ فإن جبريلَ معك" (¬2)، ثم أوعد شعراء المشركين فقال تعالى:
{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا} أشركوا {أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} أيَّ مرجعٍ يرجعون
¬__________
(¬1) رواه الإمام أحمد في "المسند" (6/ 387)، وعبد الرزاق في "المصنف" (20500)، وابن حبان في "صحيحه" (5786)، وغيرهم عن كعب بن مالك -رضي الله عنه-.
(¬2) رواه البخاري (3041)، كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة، ومسلم (2486)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل حسان بن ثابت -رضي الله عنه- عن البراء بن عازب -رضي الله عنه-.