كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 5)

{إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (12)}.

[12] {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} أي: إذا قابلتهم، وصاروا بإزائها.
{سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا} هو الصوت الذي يهمهم به المغتاظ {وَزَفِيرًا} هو الصوت من الصدر، روي أن جهنم تزفر يوم القيامة، فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خر لوجهه (¬1).
...
{وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13)}.

[13] {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا} أي: تضيق عليهم إذا ألقوا فيها، فيكون أشدَّ لعذابهم؛ فإن الكربَ مع الضيق، والرَّوْحَ مع السَّعة، فلذلك وصف الله الجنة بأن عرضها السموات والأرض. قرأ ابن كثير: (ضَيْقًا) بإسكان الياء مخففة، والباقون: بكسرها مشددة (¬2).
{مُقَرَّنِينَ} مُصَفَّدين، قد قرنت أيديهم إلى أعناقهم بالسلاسل.
{دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} ويلًا.
...
{لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا (14)}.

[14] في الحديث: "أول من يُكسى حُلَّةً من النار إبليسُ، فيضعها على
¬__________
(¬1) ذكره البغوي في "تفسيره" (3/ 324)، وابن كثير في "تفسيره" (3/ 312)، عن عبيد بن عمير.
(¬2) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: 462)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 327)، و"معجم القراءات القرآنية" (4/ 276).

الصفحة 11