كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 5)

{وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً} ليستقيم أمرهم، تحذرهم مسير سليمان إليهم، وتناهى الخبر عنها هاهنا، فصدق الله تعالى قولها.
فقال: {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} أي: كما قالت.
...
{وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35)}.

[35] وكانت بلقيس امرأة لبيبة، قد سيست وساست، وعرفت تدبير الملك، فأرادت أن تداري عن بلدها، فقالت للملأ من قومها: {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ} أختبر بذلك سليمان، إن كان ملكًا، أخذ الهدية وانصرف، وإن كان نبيًّا لم يأخذها، ولم نأمنه على بلادنا.
{فَنَاظِرَةٌ بِمَ} أي: بأي شيء.
{يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} من قبول الهدية أو ردها، وما يقال لهم. وقف يعقوب والبزي: (بمَهْ) بزيادة هاء بعد الميم بخلاف عنهما (¬1)، والهدية: اسم للشيء المعطى بملاطفة ورفق.
...
{فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36)}.

[36] فأهدت بلقيس لسليمان وُصَفاءَ ووصائفَ، وألبستهم لباسًا واحدًا لئلا يُعرفوا، وكان عددهم خمس مئة جارية، وخمس مئة غلام، وأربع
¬__________
(¬1) انظر: "الغيث" للصفاقسي (ص: 311)، و "معجم القراءات القرآنية" (4/ 351) عن البزي.

الصفحة 134