كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 5)

{وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} فيجازي كلًّا بعمله، وهو وعد للصابرين، ووعيد للعاصين.
قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا نظر أحدُكم إلى من فُضِّلَ عليه من المال والجسم، فلينظرْ إلى مَنْ هو دونَه في المال والجسم" (¬1).
...
{وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21)}.

[21] {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا} أي: لا يؤمنون بالبعث، فلا يخافون عذابنا.
{لَوْلَا} هَلَّا {أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ} فتخبرنا أن محمدًا صادق.
{أَوْ نَرَى رَبَّنَا} فيخبرنا بذلك، وجواب القسم محذوف.
{لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ} بالكفر.
{وَعَتَوْا} طغوا، والعتو: أشدُّ الكفر، وأفحشُ الظلم.
{عُتُوًّا كَبِيرًا} بالغًا أقصى مراتبه؛ لطلبهم رؤية الله حتى يؤمنوا به.
...
¬__________
(¬1) رواه هنَّاد بن السَّري في "الزهد" (1/ 47)، وأبو يعلى في "مسنده" (6261)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (4574)، والبغوي في "تفسيره" (3/ 327)، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- بهذا اللفظ. ورواه البخاري (6125)، كتاب: الرقاق، باب: لينظر إلى من هو أسفل منه، ومسلم (2963)، في أول كتاب: الزهد والرقائق، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- بلفظ: "المال والخلق" بدل "المال والجسم".

الصفحة 16