كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 5)

{وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (30)}.

[30] {وَقَالَ} أي: ويقول {الرَّسُولُ} محمد - صلى الله عليه وسلم - في ذلك اليوم: {يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي} قريشًا {اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} متروكًا.
روى أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه قال: "من عَلَّقَ مُصْحَفًا، ولم يتعاهَدْه، جاء يوم القيامة متعلِّقًا به يقول: يا رَبِّ! هذا اتخذني مهجورًا، اقض يا ربِّ بيني وبينه" (¬1). قرأ نافع، وأبو جعفر، وأبو عمرو، والبزي عن ابن كثير، وروح عن يعقوب: (قَوْمِيَ) بفتح الياء، والباقون: بإسكانها (¬2).
...
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31)}.

[31] ثم سلَّاه عن فعل قومه بأن أعلمه أن غيره من الرسل كذلك، فقال تعالى: {وَكَذَلِكَ} أي: وكما {جَعَلْنَا} لك يا محمد عدوًا من المشركين، جعلنا.
{لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا} أي: أعداء {مِنَ الْمُجْرِمِينَ} المشركين، فأنت كالأنبياء في البلاء، وأنا ناصركم.
{وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} والباء في (بِرَبِّكَ) للتأكيد، المعنى: اكتف بربك؛ فإنه ناصرك وهاديك.
¬__________
(¬1) رواه الثعلبي، كما ذكر الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف" (2/ 459).
(¬2) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: 464 - 465)، و"التيسير" للداني (ص: 165)، و"للنشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 335)، و"معجم القراءات القرآنية" (4/ 284).

الصفحة 22