كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 5 أ)

ومع أن الصحابة كانوا يبتدرون الآية إذا نزلت فيحفظونها، فكان الأمر بالكتابة مستمرًّا، وهذا يدلّ صريحًا أن الحفظ لا يُغْني عن الكتابة، وأنهما لازمان معًا، وإذًا فكما جاز جمع القرآن حفظًا، فكذا كتابةً، لا يظهر فرقٌ في شيء من ذلك.
[ص ٩] نعم، للحفظ مزايا لا تُنكر:
منها: أن يكون القرآن نُصْب عيني المؤمن.
ومنها: العدل بين القرآن في الصلاة.
ومنها: تمكّن الإنسان من التلاوة كل وقت. إلى غير ذلك.
ولكن للكتابة مزيَّة أيضًا، وهي كونها أبعد عن الاشتباه والالتباس والخطأ والنسيان، إلا أن شيوعها يَحْمِل على التهاون بالحفظ، لاتّكال كل أحدٍ على أن في بيته مصحفًا، ويحصل الجمع بين المصلحتين بوجود مصحف واحد في القرية مثلًا، وأن يُقْبِل الناسُ على الحفظ.
وعلى هذا كان الحال في عهده صلى الله عليه وآله وسلم، وفي خلافة الشيخين.
أما في عهده صلى الله عليه وآله وسلم فكان في قِطَع متفرقة بأيدي الصحابة، وذلك أقرب إلى الإنصاف من جَمْع القطع في يدِ واحدٍ وحدَه، سواءً أبقيت كما هي، أم نُسِخت في مصحف واحد.
أما جمعها ثم أخذها مناوبة، فمع كونه تكلُّفًا لا يخلو من المحذور المذكور، لاتّكال كلِّ أحدٍ على أن المصحف سيصل إليه ويبقى في نوبته مدة، فيتهاون في الحفظ والمدارسة، وهذا الذي قَدَرْنا عليه، ولا يضرُّنا

الصفحة 12