كتاب عمارة القبور في الإسلام - المسودة - ضمن «آثار المعلمي»

[ص ٤] ويرجِّح إحدى الصور الثلاث الأولى على الرابعة والخامسة قوله عزَّ وجلّ ــ حكايةً عن القوم ــ: {رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ} [الكهف: ٢١].
فإن هذا يدل أنهم لم يعلموا هل عاد الفتية لنومهم، أم ماتوا؟ ولو كانوا شاهدوهم بعد عودهم لمضجعهم لربما يترجَّح لهم أحد الأمرين.
لا يقال: إن قوله: {رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ} قد يكون المراد به: أعلمُ مَنْ هم؟ ومِمّن هم؟ وما شأنهم؟ لأن الحكمة من الإعثار عليهم، وهي إظهار آية على البعث، لا تتمّ إلا بأن يخبروا القوم بحالهم، وممن هم، وفي عهد من كانوا، فتأمل!
ثانيًا: قوله: "وهذا بناءٌ على قبر".
فيه نظرٌ من وجوه:
الأول: أن الفتية لم يتقرر للقوم موتُهم حتى يصح أن يكون لهم قبر، إذ القبر لا يكون إلا للميت، والعبرة في الحكم بظن القوم لا بما في نفس الأمر.
الثاني: لم يكن لهم قبر، وإنما كانوا في صحن الكهف.
الثالث: أنه على فرض أن الواقع في عودهم إحدى الصور الثلاث المتقدمة، فالبناء إنما يكون على باب الكهف؛ لامتناع أن يدخل البناؤون إلى مرقد الفتية لمنع الرعب.
والبناء على باب الكهف إنما هو بمثابة سدّ جانب انهدم من عرض القبر، إذا صح لنا أن نعتبر القوم مُرجِّحين أن الفتية ماتوا، وأن يُعتبر الكهف بمثابة القبر.

الصفحة 7