كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 5 جـ)

قال بعض الأكابر (¬١): "يقول سبحانه: أَحَدَثوا من غير مُحدِث، أم هم أحدثوا أنفسهم؟ ! ومعلوم أن الشيء لا يوجد نفسَه" (ص ١٥) (¬٢).
وحكوا عن بعض الأعراب أنه سُئل عن معرفته ربَّه فقال: "البعرة تدل على البعير، و [آثار الأقدام تدل على المسير] " (¬٣).
[ص ٢٥] واختلف الناس في تلخيص هذا المعنى على وجوه:
الوجه الأول ــ وهو المشهور بين المتكلمين ــ قولهم: الحادث لا بد له من مُحدِث، فإن كان محدثه هو القديم فذاك، وإن كان حادثًا فله (¬٤) في نفسه محدث، وهكذا فلا بد أن تنتهي السلسلة إلى محدث غير حادث.
وقد اصطدمت هذه العبارة بأمور:
الأول: الشبهة القائلة: هذا مسلَّم، ولكن قد لا يثبت به وجود رب العالمين؛ إذ قد يقال: هذا حادث فله محدث، ومحدثه حادث فله محدث، ومحدثه حادث، فله محدث، وهكذا بغير نهاية.
والأمر الثاني: ما قد يقال: وجوب الانتهاء إلى قديم مسلَّم، ولكن قد يُدَّعَى قِدَم شيء أو أشياء ليست برب العالمين، كأن يُدَّعَى قدم الشمس مثلًا.
---------------
(¬١) هو ابن أبي العزّ الحنفي في "شرح الطحاوية" (ص ١١٢).
(¬٢) هكذا بخط المؤلف فوق السطر.
(¬٣) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير": (١/ ١٦٦)، و"تلبيس إبليس" (ص ٦٦)، والمقري في "نفح الطيب": (٥/ ٢٨٩) بسياق آخر وزيادة. وما بين المعكوفين منها، وتركه المؤلف نقاطًا.
(¬٤) "فله" مكررة في الأصل.

الصفحة 51