كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 5 جـ)

وأما أنّ النفس قد تسكن إلى المحال لكثرة سماعه واعتياد التصديق به تقليدًا، فهذا لا ننكره، ولكننا نعلم أن تصديقنا بهذه المسألة ليس من هذا القبيل؛ لقيام الحجة عليه (¬١).
فقاطعهم الآخرون قائلين: جوابكم عن هذه الثلاثة الأوجه مداره على دعوى قيام الحجة القطعية عندكم، فلخِّصوا لنا أوضح حُججكم في ذلك لننظر فيها، ثم ننظر في جوابكم عن الوجهين الأخيرين (¬٢).
قال الأولون:
الحجة الأولى: أنه قد ثبت بالبراهين القطعية أن الرب واجب الوجود، وأن المكان مخلوق مُحدَث، فقد كان سبحانه موجودًا قبل وجود المكان، فثبت أنه كان موجودًا لا في مكان.
الحجة الثانية: ما لا يتصور وجوده إلا في مكان فهو محتاج في وجوده إلى وجود المكان، وما كان محتاجًا إلى غيره في وجوده، فوجوده متأخر عن وجود ذلك الغير.
الحجة الثالثة: قد قامت الحجة على أن الرب قائم بذاته، فليس بعَرَض، فلو كان في مكان لكان جسمًا، والجسم إما حقير جدًّا، وهو الجزء المتناهي في الصغر الذي يسمى: الجوهر الفرد، وإما كبير، والجسم الكبير مركَّب من أجزاء، والمركَّب محتاج إلى جزئه، وهو غيره، والمحتاج إلى غيره ممكن لا واجب.
---------------
(¬١) "عليه" ضرب المؤلف عليها سهوًا مع الكلام الذي كتبه أولًا ثم أخّره إلى موضع آخر.
(¬٢) سيأتي الجواب عن الوجهين الأخيرين (ص ١٠٤ - ١٠٥).

الصفحة 95