كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 5 جـ)

وقد رأيت من يقول: هب أنّ الفضاء أمر وجودي، فقد قال بعض أكابر القائلين بوجوده: إنه لا يتصور ارتفاعه، فهو عنده واجب الوجود، فلماذا لا يلتزم مثبتو الجهة لله عز وجل هذا القول على فرض أن الفضاء أمر وجودي؟
فقلت له: في هذا إثباتُ قديمٍ مع الله عز وجل.
فقال: وما الذي يبطله عقلًا؟
فذكرت له ما حضرني.
فقال: وما الذي يبطله نقلًا؟
قلت: يقال لك: إنه قدح في ربوبية الله عز وجل وشرك به.
فقال: لا أفهم كونه قدحًا في ربوبيته، إنما القدح القول بأن العالم غنيٌّ عن تدبير الله عز وجل، فأما القول بأن هذا الفضاء قديم، وكل ما فيه من الممكنات فهو خلق الله عز وجل وتدبيره، فلا أراه قدحًا في الربوبية.
وأما الشرك فالذي [ص ٥١] أفهم أنه: إثبات رب مع الله عز وجل، أو معبود معه، أو يقول بنحو قول النصارى: إن الرب ثلاثة أقانيم، انفصل منها أقنوم، فكان منه عيسى، ثم انفصل الآخر، فنزل على عيسى.
ومن يقول بقدم الفضاء لا يقول شيئًا من ذلك، فإنه يعرف أنه لا حياة للفضاء، ولا قدرة، ولا إرادة، ولا علم، ولا غير ذلك من الصفات التي يدور عليها أمر الربوبية والألوهية، ولا يقول: إنه أقنوم في الرب عزَّ وجلَّ.
فذكرتُ له ما حضرني، ثم قلت: ويقال لك: هذا خرق للإجماع، فإن المسلمين أجمعوا على أن ما سوى الله حادث.
فقال: هذا قول إجمالي، فلعلّ مِن المُجْمِعين من كان يرى أن الفضاء

الصفحة 98