كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 5)
الفرع الثاني في بيع رباع مكة ودورها
من المعلوم أن مكة شرفها الله فتحت عنوة.
قال في التاج والإكليل: "لا خلاف أن مكة افتتحت عنوة، وأنها لم تقسم" (¬١).
وإذا فتح المسلمون بلادًا كان الإِمام مخيرًا بين أن يقسمها بين الغانمين كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين فتح خيبر، وإما أن يوقفها على المسلمين ويضرب عليها خراجًا مستمرًا، كما فعل عمر - رضي الله عنه - حين فتح أرض الشام، ومصر، والعراق، وكان الذي حمل عمر - رضي الله عنه - على وقفها أن ينتفع منها أجيال المسلمين.
(ح-٣٣٩) فقد روى البخاري في صحيحه، قال عمر: لولا آخر المسلمين ما فتحت قرية إلا قسمتها بين أهلها كما قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر.
وتختلف مكة وأرض الحرم بأنها أماكن عبادة، قال تعالى {الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: ٢٥].
[م - ٣٨٠] فهل يصح بيع أراضي مكة، وإجارتها، أو لا يصح؟
اختلف العلماء في ذلك على ستة أقوال:
القول الأول:
يجوز بيع أراضيها، وإجارتها، بلا كراهة، وهو قول أبي يوسف ومحمد ابن الحسن، وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة (¬٢).
---------------
(¬١) التاج والإكليل (٤/ ٥٦٨).
(¬٢) شرح معاني الآثار (٤/ ٤٩)، وجاء في حاشية ابن عابدين (٦/ ٣٩٢، ٣٩٣): "وجاز =