كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 5)
• دليل من قال: العقد صحيح:
قالوا: الأدلة قد قامت على أن النهي إذا لم يتناول معنى في نفس العقد، أو القربة المفعولة، أو ما هو من شروطها التي يخصها لم يمنع جواز ذلك، وذلك نحو البيع عند أذان الجمعة، وتلقي الجلب، وبيع حاضر لباد، ومثل الصلاة في الأرض المغصوبة، والطهارة بماء مغصوب، وغسل النجاسة به، والوقوف بعرفات على جمل مغصوب، وكون الفعل فيها منهيًا عنه في هذه الصفة، لا يمنع من القول بجوازه؛ لأن النهي عنها لم يتناول معنى في نفس المفعول، وإنما تناول معنى في غيره، وكون الإنسان مرتكبًا للنهي، عاصيًا في غير المعقود عليه، لا يمنع وقوع فعله موقع الجواز، والدليل على صحة ما ذكرنا: أنه لو رأى رجل يصلي رجلًا يغرق، وقد كان يمكنه خليصه، أنه منهي عن المضي في هذه الصلاة، ومأمور بتخليص الرجل، فإن لم يفعل، ومضى في صلاته، كانت صلاته مجزئة، ولولا أن ذلك كذلك لقلنا: لا يجوز له فعل الصلاة.
وفي اتفاق المسلمين على جواز صلاة من هذا وصفه دلالة على أن النهي إذا لم يتعلق بمعنى في نفس العقد، أو في نفس القربة المفعولة، أو بما هو من شروطها التي تختص بها، أنه لا يمنع صحة العقد، ووقوع القربة موقع الجواز،
---------------
= وقال ابن الماجشون: يفسخ بيع من جرت عادته به ... وقد بينا توجيه ذلك في الفقه، وحققنا أن الصحيح فسخه بكل حال ... ".
وانظر بداية المجتهد (٢/ ١٢٧)، الفواكه الدواني (١/ ٢٥٨)، حاشية الدسوقي (١/ ٣٨٨)، منح الجليل (١/ ٤٤٩).
وعبر الحنابلة بالبطلان، أو عدم الصحة، وهو نفس قول المالكية بوجوب الفسخ، لأن فسخ العقد يعني: عدم ترتب أثره عليه، وهذا هو البطلان.
انظر في مذهب الحنابلة: مطالب أولي النهى (٣/ ٤٩)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٢٢)، كشاف القناع (٣/ ١٨٠)، منار السبيل (١/ ٢٩١).