كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 5)
الفرع الخامس الإبراء من المجهول
[م - ٤٢٩] اختلف الفقهاء في صحة الإبراء من المجهول:
فقبل: الإبراء من المجهول صحيح، وهو مذهب الجمهور من الحنفية (¬١)، والمالكية (¬٢)، والقول القديم للشافعي (¬٣).
وقيل: يصح إن تعذر علمه، وإلا فلا، وهو المشهور من مذهب الحنابلة (¬٤).
وذهب الشافعية إلى أنه لا يصح الإبراء من المجهول مطلقًا، وإذا وقع الإبراء ضمن معاوضة كالخلع اشترط علم الطرفين بالمبرأ عنه، أما في غير المعاوضة فيكفي علم المبرئ وحده (¬٥).
---------------
(¬١) فتح القدير (٧/ ٤٩)، المبسوط (١٣/ ٩٢)، حاشية ابن عابدين (٥/ ٢٠٤)، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص ٤٤٠).
(¬٢) حاشية الدسوقي (٣/ ٤١١)، الفروق (١/ ١٥٠، ١٥١).
(¬٣) السراج الوهاج (ص ٢٤١)، الوسيط (٣/ ٢٣٨).
(¬٤) الإنصاف (٥/ ٢٤٢)، كشاف القناع (٣/ ٣٩٦)، وقال ابن قدامة في المغني (٥/ ٣٨٥): "تصح البراءة من المجهول إذا لم يكن لهما سبيل إلى معرفته ... ".
(¬٥) إعانة الطالبين (٣/ ١٥٢)، روضة الطالبين (٤/ ٢٥٠)، كفاية الأخيار (١/ ٢٦٦)، غاية البيان شرح زبد ابن رسلان (ص ٢٠٤)، قواعد الأحكام (٢/ ١٧٦، ١٧٧)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص ١٧١).
واستثنى الشافعية صورتين: إبل الدية، والثانية: إذا ذكر غاية يتحقق أن حقه دونها، كما لو قال: أبرأتك من درهم إلى ألف، إذا علم أن ماله لا يزيد على ألف.
انظر المنثور في القواعد (١/ ٨١، ٨٢)، والأشباه والنظائر (ص ٤٦٢).
وقال الشافعي في الأم (٥/ ٧٥): "ألا ترى أن رجلًا لو قال لرجل: قد صار لك في يدي مال من وجه، فقال: أنت منه بريء، لم يبرأ حتى يعلم المالك المال؛ لأنه قد يبرئه منه على أنه درهم، ولا يبرئه لو كان أكثر".