كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 5)

(ح-٢٩٩) واستدل بحديث ابن عمر في الصحيحين، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يبيع بعضكم على بيع أخيه" (¬١).
(ح-٣٠٠) وحديث أبي هريرة فيهما: وفيه: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيع حاضر لباد، ولا تناجشوا، ولا يبيع الرجل على بيع أخيه ... " (¬٢).
وخالفه في ذلك سائر الفقهاء، قال ابن عبد البر: "لا أعلم خلافًا في أن الذمي لا يجوز لأحد أن يبيع على بيعه، ولا يسوم على سومه، وأنه والمسلم في ذلك سواء، إلا الأوزاعي، فإنه قال: لا بأس بدخول المسلم على الذمي في سومه؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - إنما خاطب المسلمين في أن لا يبيع بعضهم على بيع بعض، وخاطب المسلم أن لا يبيع على بيع أخيه المسلم، فليس الذمي كذلك.
وقال سائر العلماء: لا يجوز ذلك، والحجة لهم: أنه كما دخل الذمي في النهي عن النجش، وفي ربح ما لم يضمن ونحوه، كذلك يدخل في هذا. وقد يقال: هذا طريق المسلمين، ولا يمنع ذلك أن يدخل فيه، ويسلكه أهل الذمة، وقد أجمعوا على كراهية سوم الذمي على الذمي، فدل على أنهم مرادون، والله أعلم" (¬٣).
ولعل ابن عبد البر أخذ ذلك من الطحاوي، فإنه قال في مختصر العلماء:
"قال الأوزاعي: لا بأس بدخول المسلم على الذمي في سومه، قال أبو جعفر: ولا نعلم أحدًا قال بذلك غير الأوزاعي" (¬٤).
ومن قرأ كتب ابن عبد البر وجد نقولاً كثيرة عن الطحاوي.
---------------
(¬١) صحيح البخاري (٢١٣٩)، صحيح مسلم (١٤١٢).
(¬٢) صحيح البخاري (٢١٤٠)، ومسلم (١٤١٣).
(¬٣) التمهيد (١٣/ ٣١٨، ٣١٩).
(¬٤) مختصر اختلاف العلماء (٣/ ٦١).

الصفحة 47