كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 5)

القول الثاني:
ذهب بعض العلماء إلى أن الشرط الجزائى هو عقوبة مالية نظير الإخلال بالشرط، (غرامة تأخير) وليس تعويضًا عن الضرر.
وممن ذهب إلى هذا فضيلة الشيخ عبد الله بن منيع، ورفيق المصري (¬١)، والقاضي محمود شمام رئيس محكمة التعقيب الشرعي في تونس (¬٢).
يقول الشيخ عبد الله بن منيع وفقه الله: "في الواقع أتساءل الآن: هل الشرط
---------------
=فإنه مقتضى العدل والإنصاف. لأن الواجب أن يكون التعويض متناسبًا مع مقدار ما ربحه المقاول أو الصانع أو المورد أما إذا لم يكن الشرط الجزائي فاحشًا جدًا فيجب الوفاء به عند الإخلال بالالتزام، ولا يلزم أن يكون التعويض في هذه الحالة بقدر الضرر، بل يجب الوفاء به سواء كان هناك ضرر، أو لم يكن هناك ضرر، وسواء كان التعويض بقدر الضرر أو قل عنه، أو زاد عليه لأن الشرط الجزائي مشروط سلفًا قبل أن يقع الضرر، ويتبين مقداره، فما الفائدة من تقدير الشرط الجزائي إذا كان الواجب هو مقدار الضرر فقط.
فهذا الشيخ عبد الله بن منيع كما سيأتي النقل عنه، وهو أحد أفراد مجلس هيئة كبار العلماء، وممن شارك في صنع هذا القرار يصرح بأن الشرط الجزائي عقوبة مالية، وليس تعويضًا عن الضرر.
وخذ مثالًا آخر على ذلك: الشرط الجزائي في حال المرابحة (شراء السيارات بالتقسيط) قد يشترط المصرف بأنه في حال عدم سداد قسط واحد تحل جميع الأقساط، وقد أجاز المجمع الفقهي هذا الشرط، وسوف أبحثه بحثًا مستقلًا إن شاء الله تعالى.
فإذا حلت جميع الأقساط نظير التأخير عن سداد قسط واحد، فما هو الضرر الواقع على المصرف من تأخر سداد قسط واحد، ليحل جميع الدين، وقد يكون المبلغ الحال كبيرًا جدًا، أليس الضرر هنا على المصرف إن كان هناك ضرر ليس بحجم الشرط الجزائي، فالشرط الجزائي هنا عقوبة، وليس لدفع الضرر.
(¬١) انظر مجلة مجمع الفقه الإِسلامي، العدد التاسع (٢/ ٢٣١)، والعدد الثاني عشر (٢/ ٧٤، ٢٩٧).
(¬٢) المرجع السابق (١٢/ ٢/ ص: ٢٤١).

الصفحة 475