كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)

وقال الزركشي (¬1): "ولأن في ذلك تفويتًا لمنفعة السيد الواجبة له؛ لانشغاله بحقوق الزوجية، وأنه لا يجوز، وقد حكى ابن المنذر هذا إجماعًا" (¬2).
• وجه الدلالة: إذا سُلب العبد ولايته على نفسه في اختيار زوجه، فلأن يُسلب الولاية على غيره أولى وأعظم.
• من خالف الإجماع: أولًا: الخوارج؛ إذ جوزوا أن يكون الإمام عبدًا (¬3)، ولا اعتبار لشذوذهم. ثانيًا: ذهب ابن حزم (¬4) والشوكاني (¬5) إلى جواز إمامة العبد، واستدلالا بأحاديث صحيحة فيها الأمر بطاعة السلطان ولو كان عبدًا حبشيًّا، ومنها:
1 - حديث أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حبشي كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ" (¬6).
2 - حديث أم الحصين -رضي اللَّه عنه- أنها سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب في حجة الوداع ويقول: "وَلَوِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّه، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا" (¬7). ونوقش: بأن ذلك محمول على غير الإمامة العظمى أو محمول على الحث في بذل الطاعة للإمام (¬8).
¬__________
(¬1) هو محمد بن بهادر بن عبد اللَّه، العالم العلامة المصنف المحرر بدر الدين أبو عبد اللَّه المصري الزركشي مولده سنة خمس وأربعين وسبعمائة، أخذ عن الشيخين جمال الدين الإسنوي، وسراج الدين البلقيني، ورحل إلى حلب إلى شهاب الدين الأذرعي، وتخرج بمغلطاي في الحديث، توفي سنة أربع وتسعين وسبعمائة. يُنظر: طبقات الشافعية (3/ 167)، والدرر الكامنة (5/ 133).
(¬2) شرح الزركشي (2/ 354).
(¬3) الملل والنحل (1/ 116).
(¬4) المحلى لابن حزم (9/ 430).
(¬5) السيل الجرار (1/ 937).
(¬6) تقدم تخريجه (ص 66).
(¬7) أخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب: وجوب طاعة الأمراء في غير معصية (3/ 1468) رقم (1838).
(¬8) مغني المحتاج (4/ 130)، وحاشية الجمل (10/ 6).

الصفحة 106