كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)
إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124)} (¬1). قال الطبري: "هذا خبر من اللَّه جل ثناؤه عن أن الظالم لا يكون إمامًا يقتدي به أهل الخير" (¬2).
• وجه الدلالة: أن اللَّه -جل وعلا- أراد أن الظالم لا يكون إمامًا (¬3).
قال الشوكاني: "استدل بهذه الآية جماعة من أهل العلم على أن الإمام لا بد أن يكون من أهل العدل والعمل بالشرع كما ورد" (¬4).
قال الجصاص: "فثبت بدلالة هذه الآية بطلان إمامة الفاسق، وأنه لا يكون خليفة، وأن من نصب نفسه في هذا المنصب وهو فاسق لم يلزم الناس اتباعه ولا طاعته" (¬5).
• ثانيًا: السنة: حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ. . . " الحديث (¬6) قال القاضي عياض: "هو كل من إليه نظر في شيء من مصالح المسلمين من الولاة والحكام، وبدأ به لكثرة مصالحه وعموم نفعه" (¬7).
ومثله: حديث عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنهما- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إِنَّ المُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ على مَنَابِرَ من نُورٍ عن يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وجَلَّ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ في حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وما وَلُوا" (¬8). قال النووي: "هذا الفضل إنما هو لمن عدل فيما تقلده من خلافة، أو إمارة، أو قضاء، أو حسبة. . . " (¬9).
¬__________
(¬1) سورة البقرة، الآية: (124).
(¬2) تفسير الطبري (1/ 530).
(¬3) أحكام القرآن للجصاص (1/ 85).
(¬4) فتح القدير للشوكاني (1/ 138).
(¬5) أحكام القرآن للجصاص (1/ 86).
(¬6) تقدم تخريجه (ص 44).
(¬7) يُنظر: المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (7/ 120).
(¬8) تقدم تخريجه (ص 80).
(¬9) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (12/ 212).