كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)
• وجه الدلالة: أن الفضل العظيم والثواب الجزيل رُتب على أمر عظيم، وهو: عدل الإمام، مما يدل على اشتراط العدالة في الإمام.
• ثالثًا: المعقول:
1 - قد ثبت أن الإمام إنما يُقام لإقامة الحدود، واستيفاء الحقوق، وحفظ أموال الأيتام والمجانين والنظر في أمورهم، إلى غير ذلك، وما فيه من الفسق يقعده عن القيام بهذه الأمور والنهوض بها، فلو جوزنا أن يكون فاسقًا أدى إلى إبطال ما أُقيم لأجله (¬1).
2 - أن من لا عدالة له لا يؤمن على نفسه فضلًا عن أن يؤمن على عباد اللَّه، ويوثق به في تدبير دينهم ودنياهم، ومعلوم أن وازع الدين وعزيمة الورع لا تتم أمور الدين والدنيا إلا بها، ومن لم يكن كذلك خبط في الضلالة، وخلط في الجهالة، واتبع شهوات نفسه، وآثرها على مراضي اللَّه ومراضي عباده؛ لأنه مع عدم تلبسه بالعدالة وخلوه من صفات الورع لا يبالي بزواجر الكتاب والسنة، ولا يبالي أيضًا بالناس؛ لأنه قد صار متوليًّا عليهم، نافذ الأمر والنهي فيهم (¬2).
3 - قال الجويني: "والأب الفاسق على فرط حدبه وإشفاقه على ولده لا يعتمد في مال ولده، فكيف يؤتمن في الإمامة العظمى فاسق لا يتقي اللَّه، ومن لم يقاوم عقله هواه ونفسه الأمارة بالسوء، ولم ينهض رأيه بسياسة نفسه؟ فأنى يصلح خطة الإسلام؟ " (¬3).
• من خالف الإجماع: الحنفية، وقالوا: يكره تقليد الفاسق، ويُعزل به، إلا لفتنة (¬4) واستدلوا على ذلك: بأنه قد ثبت أن الصحابة صلّوا خلف أئمة الجور
¬__________
(¬1) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (1/ 271).
(¬2) السيل الجرار (1/ 938).
(¬3) غياث الأمم في التياث الظلم (ص 68).
(¬4) غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر (4/ 147)، والدر المختار (1/ 548)، وبريقة محمودية (1/ 216)، وحاشية الطحطاوي على الدر المختار (1/ 238)، وحاشية ابن عابدين (1/ 548، 549)، وفيه: "والعدالة ليست شرطًا لصحة الولاية لدى الحنفية؛ إذ يصح تقليد الفاسق الإمامة مع الكراهة، وإذا قُلِّد عدل ثم جار وفسق لا ينعزل، ويُعزل إن =