كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)
ما ينبغي، والنواهي الزاجرة عما لا ينبغي (¬1).
قال ابن حجر: "وعصمة الأنبِياء -عليْهِم الصَّلاة والسَّلام-: حِفْظُهم من النقائص، وتَخصيصهم بالكمالات النفيسة، والنصرة والثَّبات في الأمور، وإنْزال السَّكينة. والفرق بينهم وبين غيرهم: أن العِصْمة في حقِّهم بطريق الوجوب، وفي حقِّ غيرهم بطريق الجواز" (¬2).
وقال قوم: هي خاصية تكون في نفس الشخص أو في بدنه يمتنع بسببها صدور الذنب عنه.
ويكذب هذا القول: أنه لو كان صدور الذنب ممتنعًا لما استحق المدح بتركه؛ إذ لا مدح ولا ثواب بترك ما هو ممتنع، لأنه ليس مقدورًا داخلًا تحت الاختيار.
وأيضًا فالإجماع منعقد على أن الأنبياء مكلفون بترك الذنوب مثابون به، ولو كان الذنب ممتنعًا عنهم لما كان الأمر كذلك "إذ لا تكليف بترك الممتنع ولا ثواب عليه (¬3).
وبهذا المعنى الاصطلاحي للعصمة اتفق علماء الأمة على أنه لا يُشترط أن يكون الإمام معصومًا.
• من نقل الإجماع: أبو بكر الباقلاني (¬4) (403 هـ) قال: "ويدل على هذا -أي: عدم اشتراط عصمة الإمام- اعتراف الخلفاء الراشدين بأنهم غير
¬__________
(¬1) المواقف للإيجي (3/ 448).
(¬2) فتح الباري (11/ 502).
(¬3) المواقف للإيجى (3/ 449).
(¬4) هو أبو بكر محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم المعروف بالباقلاني، البصري المتكلم، سكن بغداد وسمع بها الحديث من أبي بكر بن مالك القطيعي، وأبي محمد بن ماسي، وأبي أحمد الحسين بن علي النيسابوري، وغيرهم، كان على مذهب الأشعري ومؤيدًا اعتقاده وناصرًا طريقته، صنف التصانيف الكثيرة المشهورة في علم الكلام وغيره، منها: التبصرة، ودقائق الحقائق، والتمهيد في أصول الفقه، وشرح الإبانة، وغير ذلك، توفي سنة ثلاث وأربعمائة. يُنظر: تاريخ بغداد (5/ 379)، ووفيات الأعيان (4/ 269).