كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)
الطَّاعَةُ في المَعْرُوفِ" (¬1)، وفي رواية: "لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّه" (¬2)، ومثله حديث عمران بن حصين -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَا طَاعَة لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الخالق" (¬3)، وحديثا أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ أَمَرَكُمْ بِمَعْصِيَةِ اللَّه فَلَا تُطِيعُوه" (¬4).
• وجه الدلالة: أن اللَّه -سبحانه وتعالى- لم يأمر بطاعة الأئمة مطلقًا، بل أمر بطاعتهم في طاعة اللَّه دون معصيته، وهذا يُبيّن أن الأئمة الذين أمر بطاعتهم في طاعة اللَّه ليسوا معصومين (¬5).
• من خالف الإجماع: الشيعة الإمامية الاثنا عشرية، فقد بالغوا في تقديس أئمتهم وقربوهم من مرتبة الرسل بإظهار المعجزة على أيديهم، والعصمة من الذنوب، وزعموا أن كل الأئمة معصومون عن الخطأ والنسيان، وعن اقتراف الكبائر والصغائر، وفرّقوا بين الرسل والأئمة في أن الرسل يوحى إليهم دون الأئمة. قال المجلسي: "اعلم أنّ الإماميّة اتّفقوا على عصمة الأئمّة عليهم السّلام من الذّنوب صغيرها وكبيرها، فلا يقع منهم ذنب أصلًا، لا عمدًا ولا نسيانًا، ولا لخطأ في التّأويل، ولا للإسهاء من اللَّه سبحانه" (¬6). فأثبت للأئمة العصمة من جميع الأوجه المتصورة، من المعصية كلها الصغيرة والكبيرة، ومن الخطأ، ومن السهو والنسيان.
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري، كتاب الأحكام، باب: السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية (9/ 63) رقم (7145)، ومسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية (3/ 1469) رقم (1840).
(¬2) تتمة الحديث السابق في رواية مسلم.
(¬3) أخرجه أحمد (5/ 66) رقم (20672).
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 226): "رجال أحمد رجال الصحيح".
(¬4) أخرجه أحمد (3/ 67) رقم (11657)، وابن ماجه، باب: لا طاعة في معصية اللَّه (2/ 955) رقم (2863). قال البوصيري في مصباح الزجاجة (3/ 176): "هذا إسناد صحيح. . . وله شاهد من حديث ابن عمر، رواه مسلم في صحيحه".
(¬5) يُنظر: منهاج السنة النبوية (3/ 229).
(¬6) بحار الأنوار للمجلسي (25/ 211).