كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)

المسلمين! فقال: لا تثريب يا خليفة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فبايعه، ثم لم ير الزبير بن العوام، فسأل عنه حتى جاؤوا به، فقال: ابن عمة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وحواريه، أردت أن تشق عصا المسلمين! فقال مثل قوله: لا تثريب يا خليفة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فبايعاه" (¬1).
• وجه الدلالة: قال ابن كثير: "وفيه فائدة جليلة: وهي مبايعة علي بن أبي طالب، إما في أول يوم، أو في اليوم الثاني من الوفاة، وهذا حق، فإن علي بن أبي طالب لم يفارق الصديق في وقت من الأوقات، ولم ينقطع في صلاة من الصلوات خلفه، وخرج معه إلى ذي القصة لما خرج الصديق شاهرًا سيفه يريد قتال أهل الردة" (¬2).
2 - ثبت في الصحيح عن عائشة -رضي اللَّه عنها- أنها قالت: ". . . فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ صَلَاةَ الظُّهْرِ رَقِيَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَتَشَهَّدَ، وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِي وَتَخَلُّفَهُ عَنِ الْبَيْعَةِ، وَعُذْرَهُ بالذي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ. ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَتَشَهَّدَ عَلِيُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ، فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ وَأَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الذي صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِى بَكْرٍ وَلَا إِنْكَارًا للذي فَضَّلَهُ اللَّه بِهِ، وَلَكِنَّا كُنَّا نَرَى لنَا في الأَمْرِ نَصِيبًا فَاسْتُبِدَّ عَلَيْنَا بِهِ، فَوَجَدْنَا في أَنْفُسِنَا.
فَسُرَّ بذَلِكَ المُسْلِمُونَ وَقَالُوا أَصبْتَ. فَكَانَ المُسْلِمُونَ إِلَى عَلِيٍّ قَرِيبًا حِينَ رَاجَعَ الأَمْرَ المَعْرُوفَ" (¬3).
¬__________
(¬1) أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب معرفة الصحابة (3/ 80) رقم (4457)، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، وسكت عنه الذهبي في التلخيص، والبيهقي في الكبرى، جماع أبواب الرعاة، باب: الأئمة من قريش (8/ 143) رقم (16315)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (30/ 277) عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه-. قال ابن كثير في البداية والنهاية (5/ 249): "وهذا إسناد صحيح محفوظ من حديث أبي نضرة المنذر بن مالك بن قطعة، عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري".
وأخرجه عبد اللَّه بن الإمام أحمد في السنة، تحقيق: محمد سعيد القحطاني، دار ابن القيم، الدمام، الطبعة الأولى 1406 هـ (2/ 554) رقم (1292) عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة.
(¬2) البداية والنهاية (5/ 270)
(¬3) أخرجه مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا نورث ما تركنا فهو صدقة (1759).

الصفحة 156